...على ايقاع البندير والطبلة والعود.. أسدل الستار مساء أمس الأول على الدورة 46 من مهرجان قرطاج الدولي بعرض «أنا المدلّل» للفنان زياد غرسة. وفي أجواء رمضانية عانقت كل الايقاعات أطل جمهور قرطاج بأعداد غفيرة في ليلة استثنائية جمعت بين الصوفي والدنيوي.. فخاطبت النفوس ودغدغت القلوب في زمن ليس كهذا الزمن.. وارتحلت بالعقول إلى عالم صنعه الفنان زياد غرسة الذي أراد أن يكون مبدعا يحذق كل الفنون وكان له ما أراد.. صاحب «أنا المدلّل» كان مدلّلا لدى جمهوره وانتظره حتى الساعة ال11 موعد صعوده على ركح قرطاج وبجبته البيضاء سافر الى عالم ابتدعته أيادي فنان واستقر على هضاب ذاك المكان وشدا بأجمل الألحان ونادى بأرق الكلمات وتغنى بأحلى الطربيات فعانق الابداع وهو يتجول بين مقامات المالوف والموسيقى الشعبية التونسية. فقدم «ناعورة الأجداد» و«مقدمة في طبع السيكا» وتفاعل الجمهور مع آلاته واسترخت الأجساد على تلك الايقاعات لتستفيق على ايقاع البندير الذي خالج النفوس في ليلة رمضانية زادها نسيم قرطاج رقة وجمالا. عرض متنوع زياد استطاع أن ينوّع في عرض «أنا المدلّل» فحضرت كل الايقاعات التونسية، البندير والطبلة اضافة الى العود والمزود.. وهو ما يحسب لتلك السهرة وكذلك الفنان بصفته صاحب المشروع. فنان أحيا التراث وغاص في الضروب الموسيقية التونسية بقراءة ذاتية أعادت صياغة الابداعات القديمة والجديدة برؤية حديثة وبعيون فنان لامس الجمهور بصمته من خلال ذاك العرض. إيقاعات متنوعة .. رقص وأنصت واستمتع بصوت اهتزت له حجارة قرطاج.. وايقاع ردّدت صداه جدران قرطاج.. ليلة عانقت كل الفنون.. وإلى ذاك الزمن الجميل ارتحلت العقول على كلمات «عايش من غير أمل..» و«ينجيك وينجيني» و«لا شفتك مرة ولا ريتك» و«بيت الشعر». وهي لفتة تحسب لهذا الفنان الذي أراد أن يكرم أحد رموز الفن في تونس الفنان علي الرياحي. ومع «ترهويجة» و«حليمة» والمقياس.. رقص جمهور قرطاج على ايقاع البندير وردّد الأغاني وأثبت الجمهور أنه محب للفنان التونسي الذي يصنع ذاته بفنه الراقي وبعمله الدؤوب من أجل تقديم الأفضل وهو ما أثبته زياد غرسة في ليلة أول أمس. وفي اختتام الدورة 46 من مهرجان قرطاج الدولي. وصلة الختام «أنا المدلّل» التي اختارها غرسة عنوانا لعرضه واختارها أن تكون أيضا في وصلة الختام مع شطحة وختم عيساوية ووصلة ربانية فكان مسك الختام معطّرا بقطرات ندى قرطاج وبصوت أعادنا الى زمن «عمّ» الطاهر غرسة، وقطع مع صخب الليالي وعانق الابداع. ليلة استثنائية زياد غرسة أراد أن تكون حفلة الاختتام بهية متنوعة، استثنائية وفريدة فأجابه الجمهور «نعم لقد أبدعت وقطعت مع المعتاد». هكذا علق الجمهور على حفل أول أمس وهكذا استطاع ذاك الفنان أن يصنع عرضا خاصا به. الطاهر غرسة كان حاضرا في حفل زياد ليس الوالد وإنّما الابن حمله زياد وغنى له وقال «هذا الطاهر غرسة الصغير..». هكذا إذن يودع جمهور قرطاج هذه الدورة 46 من مهرجان قرطاج الدولي التي انطلقت يوم 8 جويلية وأسدل ستارها ليلة 19 أوت 2010. فما الذي ستحمله الدورة 47 من المهرجان لجمهور قرطاج؟ الذي بدأ عند مغادرته المسرح في اقتراح بعض الأسماء وربما الدورة الجديدة ستشرّك الجمهور في اختيار الفنانين..؟! مثلما اعتقدت إدارة المهرجان في الدورة السابقة أنها شركت الاعلاميين في برنامج قرطاج!