سعدنا كثيرا عندما ارتفعت نسبة الانتاج الدرامي التونسي وأصبح المشاهد يستمتع بأكثر من عمل وقطع مع ذاك العهد عندما كان الانتاج شحيحا.. وبالرغم من أن هذه الاعمال لا تطلّ علينا إلا في شهر رمضان إلا أنها قد تسدّ ضمأ المشاهد وحاجته إلى الدراما التونسية. لكن ان تتحول هذه الأعمال إلى مجرّد عناوين جافة ومضامين جوفاء مهمتها تكريس بعض السلوكات الشاذة واللاّأخلاقية التي تتعدى الغاية الأساسية لهذه الأعمال الفنية التي قطعت مع كلّ القوانين والأعراف المتعارف عليها وضربت عرض الحائط بكلّ نواميس هذا المجتمع في هذا الشهر المعظم حينها يتحوّل الأمر إلى استياء لا إلى مباركة. ولئن عممنا الحديث فإننا نخصّ بكلامنا هذا المسلسل التونسي «كاستينغ» للمخرج سامي الفهري الذي عمل مخرجه على اختيار غرف النوم لتصوير معظم لقطات المسلسل. هذا العمل الذي لم نلمس فيه موضوعا واحدا يمسّ كلّ فئات المجتمع بل انه تخصّص في فئة معينة وهي الممثلون والمخرجون والمشتغلون في هذه المهنة بالتحديد لا غير.. ونسي مخرج هذا العمل ومؤلفته أن الأعمال التونسية وخاصة التي تبث في شهر الصيام تدخل كل البيوت في كل نقطة من تراب الجمهورية. فما دخل المشاهد الذي يقطن في الأرياف وفي المدن الصغرى بكاستينغ الممثلين وسلوكاتهم المشينة التي شوهت صورة هذا القطاع.. أين المواضيع التي تهمه وتعبّر عن همومه وشواغله وأماله وآلامه..؟! لماذا لم يتطرق هذا العمل أو غيره للتونسي في شهر رمضان؟ لماذا لم تطرح مواضيع اللهفة وارتفاع الأسعار والغش في السلع وقلّة العرض وسلوك الباعة واستغفال المواطن في المحلات التجارية الكبرى، وكثرة المناسبات التي ضيقت الخناق على الأولياء من الأعراس إلى «الخلاعة» ثم شهر رمضان والعيد والعودة المدرسية..؟! ألا يمكن أن تطوّع كلّ هذه الاشكاليات وغيرها كثيرة إلى عمل فني يمكن أن يشد المشاهد في كامل تراب الجمهورية لأنه نابع من ذاته..وابتعدنا عن هذه المواضيع التي تدعو إلى الخجل فكيف للعائلة الواحدة أن تجتمع على مثل هذه الصور المخجلة فتاة في ال15 من عمرها تربط علاقة مع رجل متزوج وتواجه أسرتها بدعوى الحب. وأخرى تترك منزل والدها وتهرع إلى أحضان عشيقها.. هل بهذه الطريقة نربي أبناءنا؟! إنه تكريس للتفسّخ الأخلاقي والفساد الذهني لهذا الشباب وخاصة المراهقين الذين يتأثرون بكل مادّة تمدّ إليهم. لقد أعطى كاستينغ صورة مخجلة عن عمل الممثلين وعن هذا القطاع بصورة عامة. ممثل مهووس بالنساء والعلاقات غير الشرعية ومصور يربط علاقة مع فتاة قاصر وممثلات يدخلن المهنة بطرق ملتوية وعلاقات مشبوهة.. إذ هذه المواضيع المطروحة في كاستينغ وخاصة مشاهد غرف النوم وغيرها لا تصلح إلا للسينما وليس لمسلسل يبث في شهر رمضان لمجتمع عربي إسلامي ولعائلات تونسية تجتمع في ذاك الوقت بالذات لمشاهدة قناتهم الوطنية والأعمال الدرامية..؟!