اهتز أهالي حي بمنطقة السيجومي خلال أحد الأيام القليلة الماضية على خبر وفاة شاب، يعرفه الجميع ولهم معه علاقات جيدة وكانت وفاته موضوع اختلاف وريبة بين الناس. الهالك في العقد الرابع من العمر توفي والده عندما كان صغيرا فنشأ مع والدته وسط شعاب منطقة السيجومي وكانت له صلات مع جل أبناء جيله في تلك المنطقة تزوجت الأم من رجل آخر وانجبت منه أطفالا، فاختار الطفل واسمه البشير أن يعيش مع شقيقته من زوج أمه. وتواصلت الحياة عادية وكان البشير حسن المعشر لدى كل من عرفه أصبح شابا يافعا فتعرف على فتاة من نفس الحي ونشأت بينهما علاقة، سرعان ما تطورت وانتهت بالخطوبة وقد مثلت لحظة الارتباط بهذه الفتاة منعرجا في حياة البشير اذ لم يرض بعض افراد عائلته وخاصة شقيقته بالخطوبة. الا أن البشير أصر على مبتغاه ثم قرر الزواج بها وهو ما تم فعلا. اذ أبرم عقد الزواج في انتظار أن تتحسن ظروفه وتصبح أكثر ملاءمة ليكمل مراسم الزواج والبناء وهو مازاد في تعقيد بعض علاقاته العائلية حسبما أفادت به والدة زوجته. قرر البشير، أمام كثرة المشاكل المتراكمة أن يقيم بنزل بأحد أحياء العاصمة، وكان يأوى سيارته في المأوى التحتي لكن بعد مدة فوجئ بوجود فرقة أمنية تنتظره أمام مدخل النزل وتم ابلاغه بواسطة احد العاملين فنزل من غرفته لاستجلاء الامر فطلب منه فتح السيارة اذ عثر المحققون بداخلها على قطعة بنية اللون تبين لاحقا وفقا للتحاليل بأنها مادة مخدرة مدرجة بالجدول «ب» لذلك تقرر ايقافه وحجز سيارته باعتبارها أداة من أدوات الجريمة ويقول بعض اقاربه ووالدة زوجته بأن قطعة المخدرات تم دسها دسا في السيارة للتخلص منه، وهو السيناريو الذي تمسك به لسان الدفاع بعد ان تمت احالة البشير على الجهات القضائية المختصة وبالتالي فانه تعرض الى مؤامرة أحيل المتهم على أنظار هيئة احدى الدوائر القضائية بالمحكمة الابتدائية بتونس، التي قضت بثبوت ادانته وسجنه لمدة عامين. قضى فترة من العقوبة بالسجن المدني بتونس ثم جرت نقلته الى السجن المدني بسليانة لاكمال العقوبة هناك. وكانت زوجته تزوره من حين لآخر الى أن طلب منها في آخر زيارة لها أن تمكنه من بعض المقتنيات والادباش وأبلغها حسبما أفادت والدتها بأنه مشتاق اليها كثيرا. وتضيف بأنه كان غريب النظرات في آخر زيارة رأته فيها زوجته بعد ان أتمت اللقاء عادت الزوجة الى منزل والديها بتونس، وكانت تفكر في الزيارة المقبلة وفي ما ستقتنيه لزوجها مما طلبه منها... يوم 17 أوت الجاري رن جرس الهاتف وجاء منه صوت خافت يبلغ العائلة بوفاة بشير في سجن سليانة أي بعد أسبوع من نقله الى السجن الجديد. لم يصدقوا الخبر في البداية لكنهم تأكدوا من ذلك بعد أن تم ابلاغهم رسميا، ويقال ان البشير توفي اثر نوبة قلبية اسكتت قلبه واسكتته للأبد. تقرر فتح تحقيق في الموضوع وتم عرض جثة الهالك على مخابر الطب الشرعي ثم تسلم أهله جثته بعد يومين أي يوم التاسع عشر من أوت حيث تم دفنه بمقبرة المكان. الموت المفاجئ للبشير زاد في تعقيد علاقة الزوجة بشقيقته اذ لا أحد كان ينتظر تلك النهاية المأساوية. تقول الزوجة لم يبق منه غير آثار خطاه وخياله المتواصل وتفاصيل صوته الحزين. ربما يكون البشير الذي كان متمسكا ببراءته الى آخر لحظة من حياته قد مات حسرة وألما على ما ألم به وربما كان ضحية خلافات تفصيلية وجزئية.