بقلم: عبد الرحمان مجيد الربيعي لا أريد لعنوان مقالي هذا غرس الخوف في نفوس من يقرؤونه. ولكن ما أتابعه من أحداث يقودني إلى أن أجعل عنوان موضوعي متماشيا مع الأحداث التي لا تذهب إلا بهذا الاتجاه. ربما كان خبر ما سماه العلماء «تسونامي شمسي» يهدد الأرض من خارجها هو الأكثر رعبا. فهذه الكرة المسكينة كأن الذي فيها لا يكفيها. ألا يكفيها ان هناك خزينا من الأسلحة النووية لو أفلت زمامه سيدمرها آلاف المرات وليس مرة واحدة؟ ثم هناك «الاحتباس الحراري» الذي سبّبه جشع الدول الكبرى والشركات العملاقة التابعة لها التي لا تنشد إلا الربح وتكديس الأموال وليذهب العالم إلى سقر، تهمهم اللحظة التي هم فيها، يهمهم جيلهم ولا يهمهم الآتون، فالأرض أمانة وهي للجميع، لمن كانوا ولمن هم حاضرون الآن، ولمن سيأتون إذا بقي في الحياة ما يستحق أن يعاش من أجله رغم تفاؤل الشاعر الكبير محمود درويش في قصيدة شهيرة له (على الأرض ما يستحق الحياة). إن هذا الذي يحدث اليوم على الكرة الأرضية عدا ذلك التسونامي الشمسي يحمل الخوف للبشرية إذ انه يعني فناء كل ما حققته من منجزات على كافة الأصعدة. لنأخذ الخارطة ولنقرأ ما عليها، لنتأمل ما يحصل في خليج المكسيك حيث عجزت أكبر قوة في العالم وأعني بها أمريكا أن توقف تدفق ملايين الأطنان من البترول من تلك البئر البحرية التي كانت أقوى من حافريها فتدفقت في وجوههم ولوثت المحيط وكادت أن تنهي الحياة البحرية. وأماتت ملايين الأسماك والكائنات البحرية مما خلق حالة هلع كبرى في واحدة من أخطر الأماكن في العالم. ولننتقل إلى الصين حيث الانجرافات هناك تقتل البشر وتدفنهم أحياء في بحار من الطين. ثم ها هي المصيبة الأكبر في باكستان إذ أن هطول الأمطار الكارثي تسبب في نكبة لهذا الشعب الذي يعاني من احتراب داخلي وعمليات اغتيال للزعماء كما لم يحدث في أي مكان في العالم. والضحايا ليسوا آلافا بل ملايين حتى ان كل محاولات الانقاذ باءت بالفشل، ومن نجا تشرد وجاع وعطش وأتت عليه هذه الكوارث التي لم تأته من قبل بهذا الشكل. أما روسيا فهي مهددة بحرائق لم تعرفها في تاريخها الطويل. وذكر ان ارتفاع درجات الحرارة هو الذي تسبب في اندلاع حرائق كاسحة أصبح من المتعذر السيطرة عليها رغم ان روسيا قبلت حتى المساعدات الخارجية لايقاف زحف النار ومازالت النار مشتعلة تلتهم مئات الدونمات من غابات الاشجار التي كانت تميز هذه المنطقة الجميلة من العالم. من يصدق ان سكان موسكو صاروا يحتمون بالكمامات حفاظا على قدرتهم في التنفس حتى لا يختنقون بالدخان العاتي الذي لم يتوقعوه ولم يخطر ببالهم أبدا. والأفظع من هذا أن النيران صارت تهدد المواقع النووية، وصاروا يحفرون خنادق حولها إذ أن الدمار الهائل سيحصل للبشرية كلها إذا ما وصلت النار للمفاعلات وخزانات الأسلحة النووية. ولنقترب من منطقتنا ولنذهب إلى نكبة الأمة العربية الثانية بعد نكبتها الأولى في فلسطين وأعني بها نكبة العراق، فما الذي نرى؟ ألقت أمريكا على العراق منذ الحرب الثلاثينية عام 1991 حتى الاحتلال عام 2003 كمية مهولة من القنابل العنقودية قدرها الخبراء بقرابة (55) مليون قنبلة تحولت بمرور الزمن إلى ألغام أرضية يسقط ضحاياها في مدن الوسط والجنوب كل يوم، ولم نقرأ أو نسمع أن هذه المصيبة قد طرحت من قبل الحاكمين المعينين، فالألغام الأرضية ليست بذورا نثرت في مزارع ممتدة بل هي بذور موت نائم لا يلبث أن يصحو لأبسط حركة فتكون الكوارث. أما امتدادات عدد من مدن الوسط والجنوب فصارت مدافن للبقايا النووية تنضاف إليها مخلفات جيش الاحتلال العرمرم والتي جرى الحديث عنها كثيرا وهي أطنان من السموم الفتاكة. وتظل محنة الفلوجة المدينة الشهيدة التي علمت العالم درسا لا ينسى أن الشعب عندما يقاوم محتليه فإنه ينسج الملاحم العظيمة بعمله هذا. الفلوجة يريدون قطع نسل أبنائها لأن بذرة المقاومة في نفوسهم يجب أن تسحق، وهذه ثمار القنابل الفسفورية والأسلحة المجهولة الأخرى وكلها محرمة دوليا جعلت الفلوجيات ينجبن أبناء مشوهين لا وجود لمثل تشوهاتهم الخلقية حتى في الأماكن التي حلت عليها مصائب القنابل النووية الأمريكية في هيروشيما وناكازاكي، ومع هذا فالمحللون يرون ان القنابل الفتاكة بأنواعها التي ألقيت على الفلوجة لوأد مقاومتها فاقت قنبلة هيروشيما!! وقد سمعت بعض الفلوجيين يقررون وأمرهم لله إيقاف الانجاب. هذه خارطة العالم.. دمار في دمار.. ولا نسمع غير التهديدات بحروب قادمة مادامت الغطرسة قد وصلت إلى ذراها المخيفة، وما دامت إسرائيل تهدد العالم كله غير آبهة بالقوانين الدولية والانسانية. عالم مرعب إذا استمر على ما هو عليه وتواصل مسار قطار الرعب فإن هذه الكرة المسكينة المسماة بالكرة الأرضية ستتحول إلى كتلة لهب تحرق الجميع من جورج بوش حتى الملاّ عمر.