يحكى أن رجلا فقير الحال تزوّج من امرأة أنجبت له ثلاثة أولاد وبعد سنوات عديدة توفيت فرفض أن يتزوج بأخرى ثم أصيب هو الآخر بمرض عضال وبينما كان يحتضر نادى أولاده وقال لهم: لا تبقوا بهذه القرية فالرزق بها قليل وعليكم بالسفر فقد تجدون رزقكم ببلد آخر. وبعد أيام من وفاة والدهم باع الأشقاء الثلاثة دارهم المتواضعة وحملوا ما يمكن حمله ثم سافروا إلى وجهة لا يعرفونها وكانوا إذا حطوا الرحال ليلا تركوا واحدا منهم يحرس الاثنين الآخرين خوفا من اللصوص وقطاع الطريق وذات ليلة جاء دور الشقيق الأصغر ليحرس المكان وكانت عيناه لا تنامان ومن طول السهر وللقضاء على القلق والملل طلب عصا وبدأ يحفر بها الأرض ومن حسن حظه أن العصا اصطدمت بجسم صلب فواصل الحفر إلى أن اتضح أن هذا الجسم الصلب لم يكن سوى صندوق حديدي فزاد في الحفر واستطاع أن يخرجه ثم يفتحه فيجده مملوءا ذهبا وجواهر، أيقظ شقيقيه اللذين فرحا كثيرا وقال لهما لقد عثرت على هذا الكنز وسنقتسمه سويا وفي صباح الغد واصل الأشقاء الثلاثة طريقهم حتى وصلوا إلى إحدى المدن التي نزلوا في إحدى فنادقها وكان الشقيق الأصغر قد سمع شقيقيه يتهامسان حول حرمانه من نصيبه واشترط الأشقاء الثلاثة على صاحب الفندق الذي سلموه الصندوق بأن لا يعيده إلا بحضور الثلاثة أشقاء وفي المساء ذهبوا إلى الحمام القريب من الفندق ولكن نسي الثلاثة جلب أدباش نظيفة معهم فأمر الشقيقان شقيقهما الأصغر بالذهاب لجلب الأدباش وكانا يفكران في حيلة للتخلص منه وقد فهم الشقيق الأصغر ما يدبران له فذهب إلى صاحب الفندق وطلب إعطاءه الصندوق لكن صاحب الفندق رفض وفكره بالعهد المقطوع بأن لا يسلم الصندوق إلا بحضور الثلاثة ورجع إلى شقيقيه وقال لهما لقد رفض صاحب الفندق إعطائي مفتاح الغرفة لجلب الملابس وعليكما بمخاطبته من النافذة وإعطائه موافقتكما وفعلا أطل الاثنان من النافذة وخاطبا صاحب النزل بقولهما نحن موافقان فاعتقد هذا الأخير بأن الشقيقين موافقان على تسليم الصندوق فسلمه إلى الشقيق الأصغر الذي سارع بالرحيل إلى بلد آخر ولما أبطأ شقيقهما في العودة إلى الحمام ارتديا ملابسهما الوسخة وذهبا إلى صاحب الفندق و فوجئا بما حدث واقتاداه إلى القاضي فحكم القاضي ببيع الفندق وخلاص الشقيقين مقابل ما ضاع من منابهما من الجواهر والذهب فاغتم صاحب الفندق وبينما كان في طريق عودته إلى الفندق اعترضه شيخ كان صديق العمر لوالده فرآه حزينا مغتما فسأله عن السبب فحكى له ما جرى فقال له لا تحزن يا بني ارجع إلى القاضي وقل له الصندوق معي ولكن لا أسلمه للشقيقين إلا إذا حضر صديقهم الثالث كما تم الاتفاق وحضر الشقيقان أمام القاضي فقال لهما صاحب الفندق ائتيا بشقيقكما وسأسلمكما الصندوق ففهم الشقيقان الحيلة وندم على ما فكرا فيه من غدر الشقيق.