منجية الصفاقسي من الأصوات التي نشأت على الموسيقى الاصيلة تحرص على تدعيم تكوينها الاكاديمي بمشاركات موجّهة منها فرقة بلدية تونس وأخيرا فرقة الرشيدية، برزت في عدة تظاهرات كالدور النهائي لمواهب المغرب العربي بمهرجان بوقرنين توّجت بالجائزة الاولى، مشاركة في مهرجان سوسة الدولي بعرض «وهابيات» مع المطرب رؤوف عبد المجيد، مشاركة في مهرجان الحمامات الدولي في حفل تكريم الجموسي، عرض اختتام مهرجان قرطاج مع نخبة من الأصوات التي صاحبت زياد غرسة وأخيرا عرض بمهرجان المدينة بالقلعة الكبرى صحبة رؤوف عبد المجيد حيث التقتها «الشروق» في حوار عبّرت فيه عن توجهاتها الموسيقية وآراء أخرى عكست عمق ثقافتها الموسيقية على قدر ابداعها وهذه التفاصيل: كيف بدأت علاقتك بالموسيقى؟ نشأت في عائلة مغرمة بالفن حيث كان جدّي عازفا في فرقة الباي النحاسية وكنت منذ الصغر أصاحب ابي لعروض فرقة التخت العربي فتعلقت بالالحان الخالدة وشجعني السيد محمد الماجري على الدخول الى المعهد العالي للموسيقى وأوّل من اكتشفني السيد منصف بن عيسى ومنذ تخرّجي حرصت على توظيف مكتسباتي الموسيقية وموهبتي في الغناء من خلال عدة تجارب منها في فرقة بلدية تونس وفي قناة 21 ومن خلال بعض التظاهرات الاخرى والتي دعّمت ثقتي وزادتني عزما لمزيد من الاجتهاد وأنا حريصة على التكوين والاداء الموسيقي المثمر بعيدا عن التسرّع والعشوائية مع الانفتاح على كل الانماط والتجارب وأحاول تمرير كل ذلك من خلال تجربتي في التدريس بالمعهد العالي للموسيقى بسوسة. كيف ترين واقع المغنين الاكاديميين في المشهد الموسيقي التونسي؟ هناك جيل جديد من خرّيجي المعاهد العليا للموسيقى بصدد تفعيل مشاريعهم الفنية ويخطون في خطوات هامة ثابتون في توجهاتهم ويسعون الى احتلال مواقع في الساحة الموسيقية وبالاجتهاد والمثابرة هم قادرون على ذلك. وأين تموضعين نفسك وسط هذه الساحة؟ الطريق ليس سهلا لابد من الاجتهاد كما ذكرت وأنا للاسف لا ألوم الا نفسي لأني مقصّرة نوعا ما في هذا المجال من حيث تحضير ملف وتقديمه الى بعض المهرجانات والسعي الىابراز عملي قد يعود ذلك الى تكاسل مني أحاول التخلص منه. هل تفكّرين في الهجرة كما فعل البعض من زملاءك كعبير النصراوي وسيرين بن موسى على سبيل المثال؟ سيرين متواجدة هناك للدراسة وعرفت منذ دراستها بتونس بجديتها واجتهادها واستغلت أوقات فراغها هناك لكي تنشط موسيقيا وهناك من يتخذ الدراسة في فرنسا كتعلّة لا غير مثلما هناك العديد يتواجدون هناك دون فعل اي شيء «راقدين». في ظل اختلاط الاذواق هل وجد الموسيقي الاكاديمي حظه جماهيريا وسط هذه الاذواق؟ الاكاديمي في نهاية المطاف هو مغرم بالموسيقي مثله مثل العديد الذين لا يختلف عليهم الا بالتخصص الدراسي التي تنمّي له موهبته لا غير لأن هذه الموهبة هي فطرية بالاساس وأنا في الأول كنت أودّ التوجه الى شعبة الصحافة لقربي من مجال الفن لذلك رغبت في ممارسة الصحافة الفنية ولكن وجدت نفسي في اختصاص الموسيقى لشدّة تعلّقي بالغناء الذي اعتبره موهبة قبل كل شيء والاختصاص الاكاديمي يجعل الفنان شديد المحاسبة لذاته ويمكّنه من رؤية نقدية فنية شاملة بأكثر دقة ويا حبّذا لو يصاحب الابداع التكوين الاكاديمي. من منطلق هذه الرؤية النقدية كيف تصفين ما يقدّمه المشهد الموسيقي التونسي؟ لا زلنا نبحث عن شخصيتنا فلا يمكن الحديث عن خصوصية في اختلاط التوجهات من شرقي وغربي وغيرها فالأغنية التونسية اكتسحتها عدة أنماط كذلك الشأن بالنسبة للأغنية الغربية التي تأخذ من الألحان الشرقية. ألا ترين أنه من المفروض ان يرجع الاكاديمي الامور الى نصابها بما ينتظر منه من غرس الفن الراقي؟ ليس بالضرورة أن يقتصر الفن الراقي على الاكاديمي انا ضد هذه التصنيفات فقد يكون للاكاديمي توجهات اخرى مثل الجاز وغيرها من الأنماط وهذا امر مشرّع فما يختص به الاكاديمي ربّما هو الاشتغال على فكرة مشروع أغنية مهما كان توجهها وهنا قد يصطدم بعراقيل أهمها المادة فتنفيذ المشروع الفني مقترن بالضرورة بالمال فتحضير حفل بسيط في مهرجان المدينة مثلا يتطلب عدة مصاريف فالظروف تغيّرت وكل شيء يستحق المال فتحقيق حلم ما بعد التخرّج صعب المنال. لو تخيّرين بين الشهرة الجماهيرية السريعة تضمنها لك احدى شركات الانتاج او الانكباب على تنفيذ مشروعك الفني ماذا تفضلين؟ مشروعي الفني بالطبع... (تفكر... وتضحك...) أنت بصدد احراجي أحب المعادلة «لا محالة» ولوأني أعتبر نفسي في طريق صعب أخشى ان أدمج فيه ضمن قالب معين فلا زلت لم أجرّب احساس امتلاك قاعدة جماهيرية مثلي مثل العديد الذين اتبعوا المنهج الطربي. كم تقدّرين النسبة المائوية للذين يغنّون وفق قواعد صحيحة بتونس؟ يصعب تحديد ذلك بصفة دقيقة بحكم كثرة المغنين لكن أظن أنها 50 بالمائة.