في كل عام من شهر رمضان تغير مدينة تاجروين نمط حياتها وتظهر في ثوب جديد مخالف لما كانت عليه فالحركة لاتهدأ طيلة النهار إلى أن يحين موعد الإفطار، ثم تستفيق من جديد حتى وقت السحور. ولقد دأبت العائلات على الاستعداد لهذا الشهر الكريم قبل حلوله بعدة أسابيع فتغير ربات البيوت الأواني وتحضرن «أفاح البرمة» ويعددن «الحلالم» و«البسيسة» و«شربة المرمز» التي تعتبر من مميزات رمضان في الجهة وعن رمضان أيام زمان حدثنا الشيخ سحنون البالغ من العمر 88 سنة حيث قال كنا نذبح خروفا مع بداية شهر رمضان لاستهلاكه فلا نحتاج لشراء ا للحم فحتى المواد الغذائية التي نستعملها في هذا الشهر نحضرها مسبقا ولا نشتري إلا بعض أنواع الغلال أو المشروبات الغازية ولتمضية الوقت يضيف الشيخ سحنون كنا نتلهى بلعب «الخربقة» قبل موعد الإفطار أما في السهرة فيذهب الرجال إلى المقاهي للعب الورق وإلى الدكاكين في الأرياف أين يجتمعون حول كؤوس الشاي و«أطراح الروندة والشكبة». أما اليوم فقد حافظت المدينة على البعض من هذه العادات فبعد مرور وقت قصير من انقضاء موعد الإفطار يسارع الناس كل إلى وجهته فمنهم من يذهب إلى الجامع لأداء صلاة التراويح ومنهم من يسرع إلى المقهى حيث يقضي الساعات في تدخين الشيشة ولعب الورق ومن الناس من يفضل التجوال على طول الشارع الرئيسي للمدينة، النسوة يلازمن البيوت لمشاهدة البرامج التلفزية ومنهن من يخرجن في نزهة قصيرة للترفيه وتجاذب الحديث هربا من الشؤون المنزلية التي لا تنتهي ولإدخال نكهة خاصة على السهرات الرمضانية داخل البيوت لا بد من تحلية «اللمة» ب«الكريمة» و«البوزة» والشاي... وعادة ما يعود الرجال في آخر السهرة محملين ب«المخارق» و«الزلابية» لتتواصل السهرة إلى وقت متأخر. ومن العادات التي دأبت عليها مدينة تاجروين مدفع الإفطار و«طبال السحور» فالصغار يتطلعون لرؤية طلقة المدفع قبل الاذان في جو طفولي بهيج (انقطع صوت المدفع بعد حادثة صفاقس) والشباب العائد من المقهى وقت السحور يستمتع بضربات الطبل بين الأنهج والشوارع رغم أن وسائل الإيقاظ تعددت ولم يعد المواطن في حاجة إلى هذه المنبهات إلا أنها تبقى من العادات التي يحبذها المواطن. وأينما كانت السهرة سواء في البيت أو في المقهى أو في الشارع تمر ليالي رمضان في جو مليء بالبهجة والسرور خاصة أن رمضان هذه السنة تزامن مع فصل الصيف الذي يحلو فيه السهر.