لماذا فرنسا؟ لماذا في قاعدة للجيش في جنوب البلاد؟ وما علاقة ذلك بزيارة غابي اشكينازي الى قاعدة عسكرية في جنوبفرنسا، كما قالت الصحف الفرنسية؟ لماذا توقيت الثامن والعشرين من سبتمبر؟ علما بان الثالث والعشرين منه سيكون موعدا فاصلا في المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين واسرائيل؟ في الثامن والعشرين من سبتمبر وفي قاعدة للجيش الفرنسي، سيعاد تمثيل جريمة اغتيال رفيق الحريري، كما قالت الانباء الفرنسية، التي اضافت ان ذلك سيتم بحراسة مشددة وبحضور قاض محقق من المحكمة الدولية. الترتيبات بدأت حسب الاعلان منذ جوان الفائت، إي منذ ثلاثة اشهر، وقد تم شحن مواد من الارض التي حصل عليها الانفجار الشهير، كما تم بناء نسخ من مجموعة الابنية المحيطة بالمكان، ليعاد تشكيله وكانه وسط بيروت نفسه. كما يقال انه تم الاعتماد على فيلم صورته كاميرا احد البنوك المحيطة بالمكان لحظة العملية. وستتم الاستعانة بسيارة من نفس النوع الميتسوبيشي الذي تحدث عنه التحقيق. ديكور فيلم هوليوودي بكل ما تعنيه الكلمة، ولكن الغريب انها المرة الاولى الذي يشارك فيه جيش دولة عظمى بتنفيذ فيلم هوليوودي. واذا كانت الصحافة نفسها، وفي اليوم نفسه قد نشرت ان غابي اشكينازي، قد التقى رئيس هيئة الاركان ادوار غيو، بعد ان التقى بسلفه ان لوي غورغولين، وقام بزيارة الى قاعدة في جنوبفرنسا، فان السؤال الحتمي هو: أهي نفس القاعدة التي سيتم فيها تمثيل الفيلم؟ وهل ذهب اشكينازي الى هناك للاطمئنان على سير الاعمال، وعلى عناصر الموساد الذين يعملون في السيناريو والاخراج والديكور، والتنفيذ داخل القاعدة الفرنسية؟ كما تساءل قارىء من قراء لو فيغارو عبر رسالة الكترونية علق فيها على الخبر والاشراف على الاخراج الذي سيحكم التهمة على حزب الله، ويبعدها عن اسرائيل، اخذا بعين الاعتبار ضرب العناصر التي كشف عنها حسن نصرالله؟ اما تصريحات السفارة الاسرائيلية التي قالت بان الهدف من هذه الزيارة هو اعادة الدفء الى العلاقات العسكرية الفرنسية الاسرائيلية، بعد انقطاع دام اربعين سنة، شهدت غياب اي تنسيق استراتيجي، محددة ان بداية العودة الى هذا التنسيق قد حصلت وللمرة الاولى مع الجنرال جورجيلين بعد حرب 2006، فتحيل الى سؤال آخر خطير : لماذا بعد حرب 2006؟ وما علاقة ذلك بالوحدة الفرنسية المنتشرة في الجنوب والتابعة لسلاح البر؟ وما علاقة ذلك بحملة الاقالات التي فرضها ساركوزي في صفوف قيادات الجيش الفرنسي، خاصة قيادة سلاح البر، بعد حادث كاركاسون المفتعل، الذي اودى بسلطة الجنرال المعروف بعدائه التام لسياسات ساركوزي، وتمسكه بالخط الديغولي القائم على عدم الانحياز لاسرائيل. كان الجنرال يتمتع بمصداقية وشعبية لا مثيل لها في صفوف الجيش، ولدى الشعب الفرنسي، ولذلك كانت اقالته بشكل عادي مسالة صعبة، فتم افتعال حادث اجبره على الاستقالة. غير ان طموح اسرائيل لا يقف عند هذا الحد، بل ان عسكريا فرنسيا قال لفيغارو بان الاسرائيلييين يريدون العودة الى ايام العلاقات السعيدة في فترة الجمهورية الرابعة، يوم كان للجيش الاسرائيلي مكتب في وزارة الدفاع الفرنسية. فهل ستنطلق بداية تحقق هذا الطموح، من لبنان؟ هل ستقوم الام الحنون بالدور الذي لا تريد الولاياتالمتحدة القيام به في الوقت الحاضر، في عملية توزيع ادوار تستقبل فيها واشنطن المسؤول السياسي، نتنياهو، تحت شعار السلام، وتستقبل فيها باريس المسؤول العسكري، اشكينازي، للتحضير للحرب؟ أو ليس هذا الفيلم الهوليودي الذي يجعل من قاعدة عسكرية ستوديو رخيصا، هو أحد أهم إجراءات هذه التحضيرات؟ والا فلماذا لم تمثل الجريمة في لبنان؟ في موقعها الطبيعي؟ دون ان ننسى السؤال المضحك المبكي، وهو ان عملية تمثيل الجرائم تحصل عادة بعد اكتشاف المجرم واعترافه، فهل قرر اشكينازي وزملاؤه الفرنسيون تعيين مجرم لاكتمال الفيلم، ولاستبعاد توجه التحقيق نحو المجرم الحقيقي؟