اختصر أحمد الحامي أحلامه وطموحاته في كرة القدم التي يعشقها من أعلى رأسه الى اخمص قدميه منذ ان داعبها في حي البحري بعاصمة الجنوب وسرعان ما اختزل الزمن عندما ظهر في التشكيلة الأساسية للنادي الصفاقسي ولم يتجاوز سنّه آنذاك 16 عاما و7 أشهر وسط ذهول جماهير النادي التي لم تصدّق يومها ان ذلك الفتى الصغير القصير التحق بركب المبدع اسكندر السويح بعد ان كان بالأمس القريب يناوله الكرة بعد ان يلتقطها من وراء المرمى.. أحمد الحامي رفض اللعب على أوتار الأهواء والانتماء فهو يتكلّم لغة الاحتراف مما جعله يتقمص ألوان ثلاثة أندية من كبار الكرة التونسية مستندا في ذلك على اندفاعه المفرط وقدراته الفائقة وسط الميدان مما جعل منافسيه المباشرين يعلنون حالة الاستعداد والاستنفار القصوى لإبطال زحفه في هدم الكرات وبناء الهجومات. «الشروق» حاورت أحمد الحامي العائد من تجربة احترافية قادته الى قطر والإمارات وليبيا قبل ان يحط الرحال مؤخرا في فريق بوقرنين الذي رأى فيه الرجل الأنسب لإعادة التماسك والقوة لخط الوسط، تحدّث الحامي فكان الحوار التالي: ٭ في البداية ونحن بصدد توديع شهر الصيام والقيام كيف تصرفت مع هذا الكم الرهيب من المسلسلات والأعمال الدرامية التي تم بثها طيلة هذا الشهر؟ في الحقيقة أحاول ان أشاهد الأعمال الدرامية التي تطرح قضايا معيّنة ومهمة وهو ما جعلني أختار متابعة مسلسل «العار» لما يتضمنه من عبر ودروس مفادها الجزاء العسير الذي تعرّض له كل من يحاول كسب وتوظيف المال الحرام وطبعا كنت أمام حتمية مشاهدة بعض الأعمال الدرامية التونسية على غرار مسلسل «نسيبتي العزيزة». ٭ بما أنك أصيل مدينة صفاقس، كيف كانت ردود أفعالك تجاه اللهجة الصفاقسية المستعملة في هذا المسلسل، وما رافقها من ضجّة كبيرة تجاه الممثلة منى نورالدين التي جسّدت دور سيدة صفاقسية؟ لقد وقع تهويل الأمر فأنا شخصيا اعتبرت تقليد اللهجة الصفاقسية من قبل السيدة منى نور الدين وحتى نطق اسم «منجي» (بكسر الميم) أمرا عاديا ومقبولا الى حدّ ما حتى وإن غلب عليه الجانب الكوميدي ولكن ما لم أهضمه واعتبرته إساءة حقيقية لأهالي مدينة صفاقس الإصرار على ابراز صفة «البخل» من خلال مشهد تناول الخبز والزيت!!! وهي قصة واهية وليس لها صلة بالواقع فأهالي صفاقس أهل كرم وجود بل إننا اكثر خلق الله انفاقا للمال.. ٭ لابدّ وأنك تعشق كل الأطباق التي تحمل اختام الاصالة الصفاقسية أليس كذلك؟ طبعا، وخاصة منها على الاطلاق شربة الفريك بالقرنيط الذي يقع تجفيفه جيّدا بعد ان يتم اقتناؤه من السوق.. ٭ تبدو ملمّا بفنون الطبخ وأصوله وربما حتى ببهاراته... فهل نفهم من ذلك أنك طبّاخ ماهر؟ لقد جعلتني تجاربي الاحترافية أعيش بعيدا عن عائلتي مدة ناهزت الى حد اللحظة عشر سنوات فكان من الطبيعي ان أصبح طباخا ماهرا لا يشق له غبار... وكلما احتار دليلي في إعداد طبق معيّن لا أتردد في الاتصال هاتفيا بوالدتي وأستشيرها ثم أتولى الأمر بنفسي.. ٭ لكل منّا مكانه الذي يرتاح اليه نفسانيا، ويتعلق به وجدانيا فماذا عنك؟ إنه المكان الذي ترعرعت فيه وكان شاهدا على ولادة موهبتي الكروية ويكاد لا يفارق مخيّلتي وهواه على لساني إنه بكل تأكيد حومتي القديمة بحيّ «البحري واحد» علما أن هذا المكان اقترن ايضا بذكريات خاصة جدّا كان مدارها شهر رمضان المعظّم الذي كان يتسم بنكهة الاصالة. ٭ في شهر رمضان عادة ما تزداد فيه الروحانيات وتسمو خلاله الأعمال فهل من أشياء معيّنة تقوم بها في هذا الصدد؟ الجميع يعلم انني شخص متديّن أحرص على القيام بجميع الفرائض وأواظب على أداء صلاة التراويح وأقوم ليالي رمضان المعظّم.. مع العلم انني لم أقدم على الإفطار خلال رمضان سوى في ثلاث مناسبات طيلة مشواري الكروي وكان ذلك بصفة اضطرارية طبعا عندما كنت أتقمص ألوان الترجي والنجم. ٭ اعترفت لتوّك بأنك أقدمت على الافطار خلال شهر رمضان في 3 مناسبات، ولكن في المقابل ألن تعترف بأنك عشت مثل البشر قصصا مليئة بالشوق والعشق؟ بل أعترف انني عشت العديد من التجارب العاطفية وقد حاولت ان أستفيد منها قدر الامكان بالرغم من انها لم تعمّر طويلا. ٭ لكن لماذا تأخر موعد دخولك القفص الذهبي خاصة أنه بحوزتك المال والشهرة..؟ قد يفاجأ الجميع عندما اعترف بأنني لم أعثر على بنت الحلال الى حدّ اللحظة بعد ان أصبح العثور عليها شبيها بالمعجزة!!! اذ انني أريد ليس الزوجة الصالحة التي تجسّد معاني الحبّ والصبر والتضحية فحسب وإنما أيضا المرأة التي تحبني لذاتي وليس لمالي أو لشهرتي.. ٭ يبدو ان الشهرة تسببت لك في الكثير من المتاعب أليس كذلك؟ نعم بعضهم استغل شهرتي لنيل اطماع معيّنة ودنيئة... وقد تغلبت على مساوئ هذه الشهرة من خلال الانزواء وتجنب الظهور امام عدسات الكاميرا بصفة مستمرة.. ٭ لكن بعضهم اتهمك علنا بالغرور والتعالي على الآخرين؟ أبدا، وكل ما في الامر أنني أفضل الوحدة لذلك اتهمني بعضهم بالغرور خاصة وأنني كنت لا أجالس الا بعض اللاعبين المعينين على غرار وسام البكري في الترجي وأيضا مايكل اينرامو اذ كانت تجمعني صداقة متينة بهذا الثنائي.. وكذلك ببعض اللاعبين الآخرين مثل كريم غربال وعماد بن يونس وسامي الطرابلسي ومنير بوقديدة وفريد شوشان والجزيري وقيس الزواغي.. ولا أنكر أنني وجدت نفسي في احراج مع الكثير من اللاعبين والناس عموما بسبب هذه الاتهامات التي أطلقوها تجاهي جزافا وأصبحت أتردد في أكثر من مناسبة عندما أقدم على عمل خاص كاقتناء نوعية معيّنة من السيارات تحسبا لردود أفعالهم.. ٭ بعيدا عن كرة القدم، ألا تحتفظ بصديق حميم يحفظ أسرارك ويوجّه أعمالك؟ انه بكل تأكيد الأستاذ المنصف عروس ٭ وماذا عن هذه اللحية الكثّة، هل تعكس توجها فكريا معيّنا؟ يعود تاريخ هذه اللحية الى حوالي 11 سنة مضت لذلك أصبحت تجمعنا علاقة عضوية ولا يمكنني اليوم ان أتخلى عنها مهما كلفني الأمر حتى إن طلبت مني زوجة المستقبل ذلك فلن أفعل إنها جزء مني.. ٭ وبالنسبة لقصر قامتك هل شكل لك في بعض الاحيان بعض الصعوبات والمتاعب خلال مشوارك الكروي؟ على عكس ما يتصوّره بعضهم فإن اللاعب قصير القامة يتسبب في الكثير من المتاعب للمنافسين خاصة منهم اصحاب القامات الطويلة الذين يمقتون مواجهة لاعب قصير القامة لأن عملية محاصرته تصبح عسيرة وأعتقد شخصيا انه يكفي للاعب يشغل خطة متوسط ميدان دفاعي ان يتمتع بالقدرات الفنية في هدم كرات المنافس ولا يهم ان يكون قصير القامة وأبرز مثال على ذلك تألق عدة لاعبين في هذا المركز بالرغم من قصر قامتهم مثل «ماكليلي» و«ديشامب» و«قاتوزو».. ٭ مغادرتك فريق الترجي أثارت الكثير من الجدل فهل من سبب مقنع لذلك؟ أعترف بأنني كنت ضحية عملية تصفية حسابات شخصية وتطوّرت الأحداث آنذاك وأخذت حجما كبيرا جدّا وهو ما عجّل برحيلي.. وللأسف الشديد علمت في مرحلة موالية ان بعض لاعبي الترجي أقاموا الافراح والليالي الملاح احتفالا بخروجي من الفريق!! ٭ ولكن لا تنكر أنك كنت على خلاف مع المدرب يوسف الزواوي في فترة ما؟ أبدا فبعضهم حاول تهويل الأمر عندما سجلت ذلك الهدف امام «البقلاوة» وذهبت باتجاه السيد يوسف الزواوي وصافحته آنذاك... فأنا أحترم كثيرا هذا الرجل وسأعترف بانه كان يستشيرني عندما كان الأمر يقتضي ان ألعب في مركز غير مركزي الأصلي... لذلك أقول إنه لا خلاف لي مع هذا المدرب القدير.. ولكن في المقابل أعترف كذلك بأنني لست ممن يتنازل عن حقوقه مهما كلفه الأمر والحمد لله أنني قمت بمسيرة مشرفة صلب الفرق الكبرى التي لعبت لفائدتها سواء تعلق الأمر بالنادي الصفاقسي والجميع يعلم ان عملية التفريط في خدماتي آنذاك لفائدة النجم عادت بأرباح مالية تقدّر بحوالي 500 ألف دينار.. وأظن أنني تألقت كذلك في صفوف النجم والترجي.. ٭ لكن ما هو الفريق الأقرب الى قلبك ووجدانك؟ طبعا النادي الصفاقسي ثم النجم والترجي. ففريقي الأم يبقى دائما في القلب ولكن كذلك أعشق النجم وهو ما جعلني اختار الإقامة حاليا بمدينة سوسة وفي الوقت نفسه أعشق الأصفر والأحمر. ٭ من خلال متابعتك للبطولة التونسية، هل من لاعب معيّن نال إعجابك على مستوى المركز الذي تشغله انت حاليا كمتوسط ميدان دفاعي؟ نعم، انه مهدي المرزوقي المتحوّل حديثا الى صفوف النجم الرياضي الساحلي هذا بالاضافة الى متوسط ميدان الأولمبي الباجي «كامارا».. ٭ وماذا عن بقية المراكز الأخرى؟ أعتقد ان اللاعب يوسف المساكني يبقى الأفضل على الإطلاق في الوقت الراهن والأمر نفسه بالنسبة لياسين الشيخاوي الذي أجزم بأنه يكاد يكون اللاعب التونسي الوحيد القادر على اللعب في أقوى الفرق الأوروبية فهو من طينة العقربي وطارق وبيّة.. بل بعد هذا الثلاثي جاء الشيخاوي فحسب... ونرجو ان يعود سريعا الى الملاعب إن شاء الله. ٭ وفي المقابل ألم تفكّر أنت أيضا في العودة الى صفوف المنتخب الوطني؟ لا أعرف لماذا يصرّ بعضهم على تقدمي في السن في الوقت الذي لم يتجاوز فيه عمري حاليا وبالضبط 28 عاما و7 أشهر!!! ويبدو ان لحيتي غالطت الجميع... لذلك أعتقد انني سأقوم بواجبي صلب فريقي الجديد في انتظار توجيه الدعوة الى شخصي إذا اقتنع الاطار الفني للمنتخب الوطني بجدارة تواجدي في صفوف المنتخب... وكل ما يمكن ان أقوله ان اسم الحامي سيبقى ثابتا ومتألقا... ٭ ماذا يمكن ان ننتظر منك صلب «الهمهاما»؟ طبعا الكثير وسأبرهن على ذلك فوق الميادين فحسب. ٭ نترك لك كلمة الختام... فماذا تقول؟ أريد ان أمرر رسالة خاصة جدّا الى كل من تعمّد ظلمي في السابق أقول له سامحك الله.