في فترة وجيزة تمتد على أربعة أشهر تجاوزت مصاريف التونسي كل الخطوط الحمراء حيث لم يعر أي اهتمام لمختلف «صفارات الانذار» والتحذيرات التي أطلقتها بعض المنظمات الحكومية وغير الحكومية لترشيد الاستهلاك والتحكم في النفقات والنتيجة صفر في الرصيد وجيوب فارغة ورواتب شهرية لم يبق منها أي فلس. «إنها أزمة ظرفية» هكذا علّق السيد جيلاني الغول وتابع بشعور بالضيق: «تتالي المناسبات في فترة وجيزة من الاصطياف الى الأفراح وشهر رمضان الكريم وعيد الفطر والعودة المدرسية والجامعية فرضت على العائلة التونسية الانفاق أكثر من طاقتها والاستنجاد بقروض الاستهلاك والتداين في بعض الاحيان لمجابهة هذه المصاريف. وهي تعيش في هذه الفترة في ضائقة مالية ظرفية لأن نسبة كبيرة من الرواتب تخصص لتسديد القرض او الدين». وقال السيد الأزهر بن سعيد: «تراجعت مقدرتنا الشرائية في هذه الفترة جراء كثرة المناسبات وتزامنها في فترة وجيزة». وأضاف: «انها ظرفية صعبة نتيجة عدم احكام التصرف واطلاق العنان للقروض البنكية التي تجد فيها العائلات أفضل الحلول وأسهلها للخروج من الضائقة المالية ولتوفير متطلبات المناسبات لكنها تساهم في الاخلال بالميزانية». شرّ لابد منه وأوضح السيد نصرالدين تبيني أن اللجوء الى الاستنجاد بالقروض البنكية والتسبقة شرّ لابد منه لأن حجم المصاريف ومتطلبات الأعراس والمناسبات الدينية والعودة المدرسية والجامعية أرفع بكثير من المداخيل والراتب الشهري. بدوره أكد السيد فتحي عريبي أن الاعتماد على الاقتراض وما يُعرف بالقروض الشخصية الموجّهة للاستهلاك زاد الطين بلّة وأثر سلبا على الميزانية وفي بعض الاحيان يكون الموظف يقتطع من راتبه لتسديد اكثر من قرض واحد. السيد فوزي التونسي قال بدوره: «أعتقد أن هذه الظرفية الصعبة نتاج عدم احكام تصرّف البعض وعدم قدرتهم على ترشيد استهلاكهم والتخطيط المسبق. ولا نتغافل أيضا عن أن التسهيلات التي توفرها مختلف المؤسسات البنكية تشجع هؤلاء على الاستهلاك دون مراعاة لقدراتهم ورواتبهم الشهرية. فتتالي المناسبات استنزف الميزانيات ودفع البعض الى اعلان حالة طوارئ والحدّ من النفقات في هذه الفترة والاستعداد لمناسبة عيد الاضحى لتوفير ثمن علوش العيد». قروض بنكية وذكرت دراسة أن نفقات التونسيين واستهلاكهم لمختلف البضائع والمنتجات يزيد بشكل كبير خلال المناسبات والأعياد الدينية وعطلة الصيف والعودة المدرسية والجامعية. وقالت إن التونسي أصبح يعيش فوق امكاناته المادية الحقيقية بفعل الاقتراض من البنوك والتداين من الأهل والأصدقاء. وأعلن البنك المركزي التونسي في احصائيات نشرها أن حجم ديون الاسر التونسية لدى بنوك البلاد ارتفع من حوالي ثلاثة مليار دينار سنة 2003 الى حوالي 7.3 مليار دينار سنة 2008. وأن القروض الخاصة بالعطل والدراسة ولوازم البيت مثلت حوالي 28٪ من اجمالي ديون التونسيين البنكية سنة 2008. وخلال الأشهر الاولى لسنة 2009 تحصل التونسيون على قروض بنكيّة بقيمة 7.4 مليار دينار. وأظهر استطلاع لاحدى المنظمات غير الحكومية أن أكثر من 85٪ من التونسيين مديونون ماليا بنسبة 77.7٪ للبنوك وحوالي 32.3٪ للاقارب والأصدقاء.