تعدّ تونس من أكثر البلدان حرصا على تحسين ظروف عيش مواطنيها والرفع من مداخيلهم ومن قدرتهم الشرائية، سواء عبر اقرار زيادات دورية في الأجور يتحصّل فيها الأجراء على نصيبهم من ثمار التنمية أو عن طريق عديد الآليات والبرامج لمساعدة المعوزين ومحدودي الدخل وفاقدي السند. هذه السياسة الاجتماعية الرائدة التي يرفدها رسوخ ثقافة التضامن بين أفراد المجتمع المدني باتت في حاجة الى دعم أكبر ووفاق أوسع لمواجهة انعكاسات بعض الازمات الاقتصادية الوافدة ومخلّفات ظروف مناخية غير ملائمة وامتصاص تداعيات تتالي المناسبات الانفاقية التي مرّ بها المستهلك والتي تزامنت مع ارتفاع مؤشر الأسعار وأساسا لمجموعة التغذية بعد التعديلات التي تم اقرارها بعد ارتفاع أسعار المواد الغذائية في البورصات العالمية والحاجة الى الزيادة في حجم الواردات في ظل نقص الأمطار وتراجع الصابة. ولأن التونسي يتمتع بحسّ المواطنة وعلى اطلاع تام بما يحدث في العالم وهو ما يجعله متفهما للتعديلات الطارئة على الأسعار وللضغط الحاصل على ميزانية الدعم فإن الحاجة تتأكد الى تعميق الحوار حول هذه المسألة دعما للوفاق الوطني، خاصة وأن البلاد مقبلة على انطلاق جولة جديدة من المفاوضات الاجتماعية للزيادة في الأجور وتعديل التشريعات الشغلية. وينتظر الشغالون ان «تكافئ» المفاوضات الاجتماعية الجديدة جهودهم في خلق التنمية وتفهمهم لتراجع مقدرتهم الشرائية وحرصهم على تقاسم التضحيات، وهم يأملون أن يتجدد مناخ الوفاق الوطني بسعي أصحاب العمل الى تحسين الأجور، مثلما فعلوا ذلك خلال العقدين الماضيين، رغم التحديات المطروحة عليهم وتمسّكهم بكسب رهان تطوير تنافسيتهم وتحقيق الأهداف الوطنية في التنمية والتشغيل.