«بعد انفجار منازل بسبب الغاز الطبيعي، عائلات تتهم و«الستاغ» تنفي وترفض الردّ». هذا هو عنوان تحقيق صدر أمس الأول ب«الشروق» مشفوعا بصور عن الخراب المنثور الذي شرّد عدّة عائلات، قد يكون النصف الأول من المقال عاديا باعتباره تغطية لخبر تتداول الصحف أمثاله يوميا، ولكن النصف الثاني جاء ليكشف مرة أخرى أن بعض مؤسساتنا الوطنية لا تحسن إدارة الاتصال في الأزمات وتراها إمّا تنفي دون حاجة الى أي توضيح أو ترفض الردّ إطلاقا وكلا الأمرين وجهان لعملة واحدة. وحسن إدارة الاتصال في الأزمات يطرح في الساحة الاعلامية بصورة ملحة، ويبدو صراحة أنه رغم المجهودات المبذولة لتركيز مكاتب اعلامية في كل المؤسسات لتوفير المعلومة في إبّانها للاعلاميين إلاّ أن حساب الحقل لا يقابل حساب البيدر أحيانا. ويخيّل لي شخصيا أن بعض «الاتصاليين» لا يرغبون إلا في نشر «اجتماعات» و«إشراف» و«استقبال» مدرائهم، وتكفي الاشارة الى أن حادثا تقنيا قد يقلب الاعلام والرأي العام ضدّ مؤسسة ما وعلى اتصالييها في تلك اللحظات بالذات أن يجدوا الكلمات المناسبة والوسائل اللازمة للردّ على الصحافة أو «اتهامات الأهالي» دون اللجوء إلى أي شكل من أشكال التهرّب من الاجابة. ولنفترض جدلا أن «الستاغ» أخطأت، فإن هذا الأمر سيحدّده القضاء وليس الصحفي، فما ضرّ لو أن جماعة «كمال أتاتورك» تفضلوا بالكلام ولنفترض أيضا أن ردّها كان ب«فتح تحقيق» ألا يرفع هذا من شأن المؤسسة ويبرز جدّيتها في التعامل مع أرواح الناس وسلامة حياتهم وممتلكاتهم، ثم من قال ل«الستاغ» إن بعض المكاتب الخاصة المانحة لتراخيص السلامة قامت بواجبها أصلا؟ ألا يمكن أن يكون هناك خطأ ما خارج حتى عن إرادتها ولكن عليها أن تحدّده وتشير إليه لأن الانفجار وقع في «أنابيبها» وليس في «بالوعات» «الأوناس». كان عليها أن تطمئن الناس لا أن تدير ظهرها. أما مقابلة ذلك بالنفي والتعتيم فهو أمر سيهزّ مصداقية المؤسسة قبل أن يهزّ مصداقية الاعلام. والحقيقة أنني كنت شاهدا منذ شهر فقط على حادثة قريبة من هذا (حادثة تصادم القطارين بالضاحية الجنوبية) حيث رفض بعضهم السماح للاعلاميين بالاقتراب من مكان نقل المصابين ولولا تدخل السيد وزير الداخلية الذي كان موجودا على عين المكان واعطائه الأوامر بتركنا نعمل بحرية لما أمكن لنا فعل أي شيء. حدث هذا وحدث ذاك، ولا ندري صراحة متى يقلع بعض الملحقين الاعلاميين وبعض مديري الاتصال ومن ورائهم المديرين «الكبار» عن الاعتقاد بأن الأزمات لا تحدث إلاّ في مؤسسات أخرى وأن الفواجع قد تصيب كل بقعة في العالم إلاّ المؤسسات التي يشرفون عليها.