أصبح الوضع في الملعب التونسي حاليا مقلقا بعض الشيء بعد الانسحاب المفاجئ لرئيس اللجنة المالية سامي حمدي وهو الرجل المعروف بكثرة نشاطه في صلب الهيئة المديرة مما سيخلق خللا في التركيبة الإدارية حاليا للفريق، بالرغم من أن الهيئة سارعت بالبحث عن شخص آخر لشغل هذا المنصب وسيكون جمال الدين زكريا حيث تسلّم مهامه مساء أول أمس بعد لقائه مع سامي حمدي ليسلّم له مفاتيح وأدوات العمل حتى تتم العملية بكل سلاسة بعدما تمسّك حمدي بقرار الاستقالة. انسحاب هذا العضو رفع الحصيلة إلى ستة مغادرين منذ انعقاد الجلسة العامة التقييمية في 16 جويلية الماضي وهم الكاتب العام السابق عماد بن عمّار وأنيس بالطيب وروضة ستهم والصادق لكحل والهادي المامغلي وقد أجمع هؤلاء تقريبا على أن الظروف لم تكن ملائمة لمواصلة مهامهم بالرغم من اختلاف مهامهم ووظائفهم في صلب الفريق. القطرة التي أفاضت الكأس... هذا الشرخ في تركيبة الهيئة يطرح أسئلة عديدة حول وضعية الفريق في قادم الأيام خاصة أن بعض المؤشرات توحي بانسحاب بعض الأعضاء الآخرين في الفترة القادمة... تأجيل مباراة الترجي كانت القطرة التي أفاضت الكأس حيث حصل خلاف عميق بين الأعضاء بخصوص اتخاذ القرار النهائي رغم حديث البعض عن حصول إجماع اتخذ على إثره قرار التأجيل لكن على ما يبدو كانت جبهة المعارضة أكبر وأكثر تأثيرا والنتيجة انسحاب العضو سامي حمدي مباشرة بعد الاجتماع رغم محاولات إثنائه على هذا القرار. خلافات استراتيجية عميقة الأكيد لأن كل عضو في الهيئة حاليا موقفه الخاص بخصوص الاستراتيجية المستقبلية للفريق وهنا على ما يبدو لبّ الخلاف الذي بدأ يتسع بين الأعضاء فسياسة محمد الدرويش التي أعلنها صراحة في أكثر من مناسبة تقوم على التفريط في اللاعبين من أجل تدعيم ميزانية الفريق لمجابهة المصاريف فكل لاعب معرض للبيع إذا ما وفّر المبلغ المناسب لفريقه في حين أن بعضا يرى في هذا تفريغا للفريق فمتى ستتوقف هذه السياسة ومتى سيحافظ الفريق على أعمدته من أجل المنافسة على الألقاب؟ هنا يفسّر محمد الدرويش سياسته بغياب الموارد المالية للفريق خاصة في ظل تراجع عدد الجماهير في الفترة الأخيرة بشكل كبير ويؤكد أن الفريق حافظ على المراتب المتقدمة بالرغم من مغادرة القربي والبولعابي والمبروك وخمير والزعيري وشقرة وغيرهم للفريق في فترة وجيزة. على النقيض من هذا يرى المعارضون لهذا التوجه أن الفريق سيفقد نوعا من هيبته ومكانته بالتفريط في اللاعبين المهمين للفرق المنافسة وهناك من يتحدث عن كون الملعب التونسي تحول إلى مركز تكوين للفرق الأخرى ويرى أصحاب هذا الرأي أن الفريق يستطيع ضمان مداخيل من خلال بيع اللاعبين في الخارج وليس للمنافسين المباشرين رغم التركيز هنا على صفقتي الزعيري وشقرة فهناك من بعض الأعضاء من عبّر على أنه لم يقع استشارته في هذا الموضوع الذي يعتبر أمرا مهما في سياسة النادي. وضعية شائكة التصدع الحاصل حاليا في هيئة الملعب التونسي قد يؤثر في استقرار النادي في هذه الفترة بالذات لأن العناصر المغادرة للهيئة تملك من الخبرة رصيدا كافيا يجعلها تستطيع إفادة الفريق من أي موقع وبأي شكل غير أنّ هذه الاختلافات ستضرّ بالفريق أكثر مما تنفعه بالنظر إلى الحلقة المفرغة التي يدور فيها الملعب التونسي وتحرّك شرايينه بغياب الموارد والتفريط في اللاعبين وابتعاد الجماهير التي هجرت فريقها مقابل مطالبتها بعودة النادي إلى التتويجات كثمن لعودتها للوقوف إلى جانبه وكل هذا يحبط جهود أي هيئة مديرة في إيجاد مخرج لهذه المعادلة الصعبة ولملمة الجراح فلكلّ رئيس سياسته وحلفاؤه في حين أن المعارضين منقسمون على أنفسهم بين مختلف التيارات وكل شخص يتولى المسؤولية إلا ويكون محل تشكيك وتلك هي جوهر القضية الخلافية في الملعب التونسي فالتحالفات أضرت بالفريق خلف الكواليس رغم المظهر العام البديع فإنّ خلف تلك الواجهة المضيئة تختفي هذه المشاكل. توحيد الصفوف هو الحل رغم أنّ ذلك يبدو صعبا في ظل ترسبات عميقة.. للإشارة فإنّ لجنة كرة القدم التي أحدثها رؤوف قيقة مؤخرا رئيس فرع كرة القدم برئاسة الأسعد المغيربي تضمّ عنصرا «صغيرا» مازال يافعا يفكر في الاستفادة من الملعب التونسي في حين أن ليس له ما يقدمه بالنظر إلى محدودية تجربته... ومن هنا تنطلق المشكلة في الملعب التونسي.