وصيّتي أن تعوا وتستوعبوا ما أقول لأن الوعي يحفظ صاحبه من الخطإ فقد قال رسول الله ے «لا يعذّب الله قلبا وعى القرآن». حديث شريف. روي عن أبي أمامة وفسّره ابن الأثير «أي عقله إيمانا به وعملا فأما من حفظ ألفاظه وضيّع حدوده فإنه غير واع له» فالوعي حفظ القلب الشيء وفي القرآن {وتعيَها أُذُن واعية} (الحاقة آية 12) يقول الشيخ الطاهر بن عاشور «والوعي العلم بالمسموعات أي ولتعلم خبرها أذن موصوفة بالوعي أي من شأنها أن تعي» وهي إشارة وعظيّة للأجيال بتذكيرهم بما حصل لقوم نوح من طوفان وكانت السفينة هي التي نجا بها المؤمنون إذا الوعي هو الحفظ والفهم معا «ومن كان وعيّا فهو حافظ كيّس فقيه» فالمؤمن الذي يقرأ القرآن ويعيه ويعقله ويفهمه فهما جيدا ويعمل به فقد اكتمل وعيه أما من حفظ ألفاظه ولم يعمل به وضيّع تشريعاته فهذا غير واع للقرآن كم من الذين لا يعون القرآن ووصف بعضهم القرآن بقوله: {يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم} (آل عمران آية 167) {يقولون ما لا يفعلون} (الشعراء آية 226) {يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم} (الفتح آية 11) {يقولون على الله الكذبَ وهم يعلمون} (آل عمران آية 75) {يقولون نؤمنُ ببعض ونكفر ببعض} (النساء آية 150) {يقولون سمعنا وعصينا} (النساء آية 46) {لَيقولونَ منكرا من القول وزورا} (المجادلة آية 2) هؤلاء {الله أعلمُ بما يُوعونَ} (الانشقاق آية 23). قال الأزهري عن هؤلاء الكفار «الإيعاء ما يجمعون في صدورهم من التكذيب والإثم» وقال الجوهري «أي يضمرون في قلوبهم من التكذيب فأحبار اليهود قبّح الله جريمتهم ووبخهم حين حرّفوا التوراة {فويل للذين يكتبون الكتابَ بأيديهم ثم يقولون هذا من عندِ اللّهِ ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم ممّا كتبتْ أيديهم وويل لهم مما يكسبون} (البقرة آية 79) والمقصود من قوله تعالى{ممّا يكسبون} أي الرشوة، ليكن في عقولكم يا أجيال المستقبل أن الواعين هم الذين {لهم قلوب يعقِلونَ بها، أو آذان يسمعون بها، فإنّها لا تعمى الأبصارُ ولكنْ تعمى القلوبُ التي في الصدور} (الحج آية 46).