بقلم فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي اليوم، ونحن نستذكر وعد بلفور المشؤوم، نستحضر صورا.. ومواقف.. مجازر.. وجرائم ضدّ الانسانية، ما فتئت تمارسها عصابات الكيان الصهيوني..منذ بدايات القرن الماضي. في مثل هذا اليوم من عام 1917، وبعد تسعة عشر عاما عن المؤتمر الصهيوني العالمي الذي انعقد بسويسرا (مدينة بال)، تعلن الصهيونية العالمية وقوى الاستعمار عن التحالف العضوي الذي سيتجسد على أرض الوطن العربي.. وتحديدا على أرض فلسطين.. «وعد بلفور» المشؤوم، أعطى وفقه من لا يملك لمن لا يستحق، أرض فلسطين، عبر كلمات يتضمّنها هذا الوعد.. منذ ذلك التاريخ، بدأت نكبة العرب وفلسطين.. حين وعد وزير الخارجية البريطاني آرثر بلفور، مسيّري الحركة الصهيونية العالمية «بوطن قومي لليهود» في فلسطين. كان واضحا أنّ قوة استعمارية بحجم بريطانيا لها مصالح استعمارية في الوطن العربي وبالطريقة التي كشفتها اتفاقية «سايكس بيكو» التي أبرمت بين كل من بريطانيا وفرنسا حين قسّما الجسم العربي الى مستعمرات لهما، قبل هذا الوعد المشؤوم بسنة واحدة. كان واضحا إذن، أنّ المخطّط الذي استهدف الأمة هو مخطّط طويل الأمد.. يبدأ بفلسطين، ثم يُطيح بكامل الوطن العربي.. جاء وعد بلفور المشؤوم، ليزيد في رصيد الجريمة الاستعمارية درجات.. إذ أنّ لبريطانيا المسؤولية التاريخية على ما وصلت إليه القضية الفلسطينية اليوم.. فقد بان بوضوح، أن المخطّط الاستعماري لم يكن يرنو أو يهدف الى السطو على نصف فلسطين، بل كانت كل فلسطين من النهر الى البحر مستهدفة من الكيان الذي صنعته القوى الاستعمارية داخل رحاب الأممالمتحدة سنة 1947.. حروب.. وشهداء.. مجازر.. وجرائم ضدّ الانسانية، تستحضرها الذاكرة الجماعية اليوم، ونحن نتفحصّ في هذا النص الجريمة: وعد بلفور، الذي قال فيه صاحبه بالنص إنه يبلّغ الصهيونية العالمية بقرار الحكومة البريطانية، بأنها تقرّ وطنا قوميا «للشعب اليهودي في فلسطين». لقد كانت الجريمة واضحة.. والمؤامرة كانت أوضح.. فلسطين العربية، بأرضها وتاريخها وشعبها، «تهديها» القوة الاستعمارية البريطانية الى العصابات الصهيونية العالمية.. بدون وجه حق... «وعد بلفور» المشؤوم على فلسطين والأمة، كان لا بدّ وأن يكون الوثيقة التي تفضح ممارسات الاستعمار والصهيونية التي نراها اليوم ونرصدها في فلسطين وفي لبنان وفي الجولان.. كل المجازر التي حصلت في فلسطين، من «دير ياسين» الى «كفر قاسم» منتصف القرن الماضي، الى جنين وصبرا وشاتيلا.. آخر نفس القرن وكلّ الفظاعات التي قادتها واقترفتها الأقدام الهمجية في فلسطين، هي مسؤولية بريطانية استعمارية، لا بدّ وأن تنال القصاص المناسب لها.. «وعد بلفور» المشؤوم، نستذكره اليوم نصّا ووثيقة.. وفعلا عدوانيّا.. ضدّ شعب فلسطين.. نراه في عيون أبناء المخيّمات الفلسطينية في الشتات.. ونلمسه جرحا في صدر أبناء غزة الذين طالهم الحقد حمما.. ورصاصا وقتلا.. في مثل هذا اليوم.. وعندما نتفحص نصّ «الوعد».. نتيقّن بما لا يجعل هناك مجالا للشك.. بأن المؤامرة لم تبدأ يوم 29 نوفمبر 1947..