الأضحية سنّة على كل مسلم يجد ثمنها أي للقادر على توفير ثمنها فهي ليست فرضا أقول هذا الكلام لأننا لاحظنا أن هذه السّنة قد حادت عن مقاصدها الدينية التي سنت من أجلها وأصبح كثير من الناس يخضعون إلى العادات والتقاليد التي ما أنزل الله بها من سلطان وابتعدوا عن الجانب التعبدي فيها, وأدخلوا أنفسهم في مشقة وعنت وأثقلوا كواهلهم بالديون, ودين الله يسر لا عسر.قال تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} التغابن/16. ولذا فإن الأضحية لا تسنّ في حق الفقير الذي لا يملك قوت عامه بمعنى لا يحتاج إلى ثمنها في ضرورياته في عامه وبالتالي فلا موجب بأن يقترض لها مالا. وقد كان الصحابة رضي الله عنهم لا يواظبون على الأضحية من ذلك ما روي أن سيدنا أبا بكر الصديق وسيدنا عمر بن الخطاب لا يضحيان عند أهل العلم لئلّا يعتقد في المواظبة عليها أنها واجبة وفرض. فليس على المعسر غير القادر عليها أي حرج. فليهنأ من لم يجد استطاعة للأضحية فقد ضحى عنه من هو مقبول العمل قطعا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. شروط الأضحية يشترط للأضحية ستة شروط : أن تكون من بهيمة الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم ضأنها ومعزها لقوله تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُواْ اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ الاْنْعَامِ} الحج /34. وبهيمة الأنعام هي الإبل، والبقر، والغنم هذا هو المعروف عند العرب . أن تبلغ السن المحدود شرعاً بأن تكون جذعة من الضأن، أو ثنية من غيره لقوله صلى الله عليه وسلّم (لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن تعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن ) رواه مسلم. والمسنة: الثنية فما فوقها، والجذعة ما دون ذلك. فالثني من الإبل: ما تم له خمس سنين والثني من البقر: ما تم له سنتان والثني من الغنم ما تم له سنة. والجذع: ما تم له نصف سنة، فلا تصح التضحية بما دون الثني من الإبل والبقر والمعز، ولا بما دون الجذع من الضأن 3) أن تكون خالية من العيوب المانعة من الإجزاء وهي أربعة: أ) العور البين: وهو الذي تنخسف به العين، أو تبرز حتى تكون كالزر، أو تبيض بياضا يدل دلالة بينة على عورها. ب) المرض البين: وهو الذي تظهر أعراضه على البهيمة كالحمى التي تقعدها عن المرعى وتمنع شهيتها، والجرب الظاهر المفسد للحمها أو المؤثر في صحتها، والجرح العميق المؤثر عليها في صحتها ونحوه. ج العرج البين: وهو الذي يمنع البهيمة من مسايرة السليمة في ممشاها. د الهزال المزيل للمخ: لقول النبي صلى الله عليه وسلّم حين سئل ماذا يتقي من الضحايا فأشار بيده وقال: (أربعاً: العرجاء البين ضلعها، والعوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعجفاء التي لا تنقى). رواه مالك فهذه العيوب الأربعة مانعة من إجزاء الأضحية، ويلحق بها ما كان مثلها أو أشد، فلا تجزئ الأضحية بما يأتي: ه العمياء التي لا تبصر بعينيها. و المبشومة (التي أكلت فوق طاقتها حتى امتلأت) حتى يزول عنها الخطر. ز المتولدة إذا تعسرت ولادتها حتى يزول عنها الخطر. ع المصابة بما يميتها من خنق وسقوط من علو ونحوه حتى يزول عنها الخطر. ر الزمنى وهي العاجزة عن المشي لعاهة. ق مقطوعة إحدى اليدين والرجلين. فإذا ضممنا ذلك إلى العيوب الأربعة المنصوص عليها صار ما لا يضحى به عشرة. أن تكون ملكاً للمضحي، أو مأذوناً له فيها من قبل الشرع، أو من قبل المالك فلا تصح التضحية بما لا يملكه كالمغصوب والمسروق والمأخوذ بدعوى باطلة ونحوه؛ لأنه لا يصح التقرب إلى الله إلاّ بالطيب الحلال. أن لا يتعلق بها حق للغير فلا تصح التضحية بالمرهون. أن يضحي بها في الوقت المحدود شرعاً وهو من بعد صلاة العيد يوم النحر إلى غروب الشمس من آخر يوم من أيام التشريق وهو اليوم الثالث عشر من ذي الحجة، فتكون أيام الذبح أربعة: يوم العيد بعد الصلاة، وثلاثة أيام بعده، فمن ذبح قبل فراغ صلاة العيد، أو بعد غروب الشمس يوم الثالث عشر من ذي الحجة لم تصح أضحيته فقد روى البخاري عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: (من ذبح قبل الصلاة فإنما هو لحم قدمه لأهله وليس من النسك في شيء ). وروى عن جندب بن سفيان البجلي رضي الله عنه قال: شهدت النبي صلى الله عليه وسلّم قال: (من ذبح قبل أن يصلي فليعد مكانها أخرى ). وعن نبيشة الهذلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: ( أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل) ويجوز ذبح الأضحية في الوقت ليلاً ونهارا، والذبح في النهار أولى، ويوم العيد انتهاء صلاة العيد أفضل، وكل يوم أفضل مما يليه؛ لما فيه من المبادرة إلى فعل الخير. ونحن نعيش نفحات العيد المبارك علينا أن نستغلّ هذه المناسبة العظيمة لمدّ جسور التراحم والتضامن بيننا وليعمل كل واحد فينا على إدخال السرور والسعادة في بيوت إخواننا الفقراء والمحتاجين والله لا يضيع أجر المحسنين.