الأضحية والضحية : اسم لما يذبح من الإبل والبقر والغنم يوم النحر وأيام التشريق بقصد التقرب إلى الله تعالى... ويقال فيها : أضحية بضم الهمزة وكسرها وأضحاة وضحية. وهي ثابتة بالكتاب والسنة واجماع الأمة قال تعالى {إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر} والمراد بالنحر في الآية هو الذبح يوم النحر على أحد الأقوال فيشمل الأضحية والهدي وذلك قول الجمهور. وثبت في أحاديث صحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى، وضحى المسلمون معه. حكمها ذهب الجمهور من الصحابة والتابعين والفقهاء إلى أنها سنة مؤكدة، ولم يقل بوجوبها إلا أبو حنيفة، وقال ابن حزم : لا يصح عن أحد من الصحابة أنها واجبة. وقد استدل على عدم الوجوب بحديث أم سلمة عن مسلم : قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اذا دخلت العشر فأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذ من شعر ولا بشر شيئا قال الشافعي : إن قوله : فأراد أحدكم يدل على عدم الوجوب. فضل الأضحية عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ما عمل ابن آدم يوم النحر عملا أحب إلى الله من هراقة دم، وإنه لتأتي يوم القيامة بقرونها، وأظلافها وأشعارها، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع على الأرض، فطيبوا بها نفسا رواه ابن ماجة والترمذي وقال : هذا حديث حسن غريب. وعن زيد بن أرقم قال : قلت أو قالوا يا رسول الله : ما هذه الأضاحي؟ قال : سنة أبيكم ابراهيم، قالوا : مالنا منها؟ قال : بكل شعرة حسنة، قالوا : فالصوف؟ قال : بكل شعرة من الصوف حسنة رواه أحمد وابن ماجة. وصح عن أبي هريرة قوله : من وجد سعة فلم يضح فلا يقربن مصلانا أحمد وابن ماجة. ما تجوز منه الأضحية أجمع العلماء على جواز الضحايا من جميع الأنعام (الإبل والبقر والغنم) ولا تجزىء من غيرها. وأما تضحية بلال بديك فتدل على عدم وجوب الأضحية كما حدث عن ابن عباس أن اشترى لحما وأخبر الناس أن هذا اللحم هو أضحيته. واختلف العلماء في الأفضل من الأنواع الثلاثة، فذهب مالك إلى أن الأفضل في الضحايا : الكباش، ثم البقر، ثم الإبل عكس الأمر في الهدايا، وذهب الشافعي الى عكس قول مالك وبه قال أشهب وابن شعبان ويجزىء من كل نوع ما يجزىء منه في الهدي، وقد سبق الكلام فيه. وتجوز الضحية بالخصي، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى به، ولأن لحمه أطيب. مالا تجوز منه الأضحية لا تجوز الأضحية من غير الأنواع السابقة بالاجماع إلى ما ذكر عن الحسن بن صالح أنه أجاز التضحية ببقرة الوحش عن سبعة وبالظبي عن واحد. كما لا تجوز الأضحية بسن أقل من السن المشروط في كل نوع، ولا تجزىء المريضة البين مرضها (أي الظاهر الواضح) ولا العوراء البين عورها، ولا العرجاء البين عرجها، ولا الضعيفة العجفاء التي ذهب مخها من شدة الهزال. وهذه العيوب الأربعة متفق على أن وجود واحد منها يمنع الإجزاء وبها جاء الحديث ولذلك وقف الظاهرية عندها ولم يقيسوا عليها غيرها، وقالوا : إن تحديد النبي صلى الله عليه وسلم العيوب بالأربعة المذكورة دليل على عدم الزيادة عليها، بل يجب الوقوف عندها فقط، كما أن هذه الاربعة اتفق العلماء على أن العيب الخفيف منها. غير مؤثر في الجواز. وجمهور الفقهاء زادوا على هذه العيوب ما كان أشد منها، وقالوا : إن العيب الأشد هو أحرى وأولى بمنع الأجزاء، مثل العمى وكسر الساق الاصابة بمرض من الأمراض المعدية. المقطوعة الأذن : قال بعضهم : إن قطع الثلث يمنع الإجزاء وقال آخرون : لا يمنع إلا قطع الأكثر وكذلك القول في الذنب، وذهاب الأسنان. وأما القرن فإن مالكا قال : ذهاب جزء منه ليس عيبا إلا أن يكون يدمي (يسيل دمه). واختلفوا في الصكاء (وهي التي خلقت بلا أذنين) فذهب مالك والشافعي إلى أنها لا تجوز، وذهب أبو حنيفة الى أنه اذا كان خلقة جاز، ولم يختلف الجمهور أن قطع الأذن كله أو أكثره عيب، وما خلق بلا قرنين جائز عند الجميع ويسمى : الأجم. واختلفوا في الأبتر (وهو مقطوع الذنب) فقوم أجازوه وقوم منعوه. كفاية أضحية واحدة عن أهل البيت الواحد إذا ضحى إنسان بشاة أو بمعزاة فانها تكفي عنه وعن أهل بيته ممن يرعاهم وينفق عليهم، بمعنى أنهم يشتركون معه في الثواب، لأن الأضحية سنة كفاية، للحديث الذي رواه ابن ماجة والترمذي وصححه أن أبا أيوب قال : كان الرجل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته فيأكلون ويطعمون حتى تباهى الناس فصار ما ترى أي : صار الناس يعتبرون ذلك بخلا حتى لا يأكل أحد من ضحيته. وهذا قول جمهور الفقهاء، وفيه يسر على المسلمين كبير، وكذلك كان يفعل الصحابة المشاركة في الأضحية يجوز أن يشترك في الجمل والبقرة سبعة أشخاص، فعن جابر رضي الله عنه قال : نحرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بالحديبية البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة رواه مسلم وأبو داود والترمذي أما الشاة فلا تكفي إلا عن واحد، ومثلها المعزاة.