أخيرا اتفق العراقيون على ان يتفقوا، ويشكلوا الحكومة العتيدة المعطلة منذ اكثر من ثمانية أشهر. غير أنه وعلى الرغم من كل ذلك، فان المجموعة الحاكمة في العراق، ستظل تدور في حلقة مفرغة وسيظل معها العراق غارقا في دوامة الاحتلال والعنف والفوضى المرتبطة بهذه المجموعة، التي سهلت احتلال العراق وسلمته لقمة سائغة الى محتليه. منذ احتلال العراق في 2003، لم تتغير الوجوه او الاسماء المتسلطة على حكم هذا البلد، باسم الديمقراطية المستوردة مع الدبابات. وتداولت تلك الوجوه المناصب في ما بينها لأكثر من سبع سنوات، وها هي اليوم تعيد توزيع الادوار بينها مجددا. وحصيلة ذلك الحكم باتت مفزعة. العراق اصبح ممزقا بحرب أهلية. وهو قاب قوسين او أدنى من التفتت والانقسام على نفسه، بعد ان اعيد احياء النزعات الطائفية والعشائرية والعرقية والدينية...والعراق بات نخرا للمرض والجهل والفقر والامية . كما ان تلك الطبقة السياسية الحاكمة اصبحت مرجعا للفساد. وبات العراق بالنسبة الى كثيرين، «كعكة حلوى» يتم التقاتل من اجل مزيد نهبها... وما تحقق في هذا البلد على مدى عشريات عديدة، وفي المجالات التنموية المختلفة، تنعَم به الشعب العراقي وشهد به العالم، تم تدميره في عهد هؤلاء الساسة. وأعيد العراق، ب«فضل» هؤلاء، الى ما قبل التاريخ. ونجاح هؤلاء في تشكيل الحكومة، عبر تقاسم واضح وغير ديمقراطي للمناصب، هو حلقة جديدة في مشاكل العراق وليس حلا لها. فالحكومة العاملة تحت الاحتلال منذ 2003، لم تحل أيّا من مشاكل العراقيين، بما في ذلك المشاكل الحيوية اليومية البسيطة، وتبين ان كل الذين تداولوا على حكم العراق المحتل، انما كانوا جزءا من مشكلة العراق الاساسية وهي الاحتلال، والدليل، غربة هؤلاء الساسة عن الواقع العراقي وعدم تمثيلهم للعراقيين. والعمل على اعادة هؤلاء الى الحكم بعد مخاض استمر أكثر من ثمانية اشهر، هو من طبيعة المرحلة التي يسيطر فيها الاحتلال وسياساته... ورجالاته. وعندما يكون بامكان العراقيين التخلص من الاحتلال، واستعادة السيادة المفقودة، فإنه سيكون بإمكانهم التخلص من تركة الاحتلال .