تحدث ممثلو الدول الافريقية المشاركة في الجلسة الوزارية المنعقدة عشية أول أمس الخميس بالحمامات تحت اشراف السيد أمادون توراي أمين عام الاتحاد الدولي للاتصالات بحماسة عن محاولات بلدانهم الجادة لكسب المهارات التكنولوجية وتطويعها لتحقيق أهداف تنموية اعتمادا على قدرات الشباب في هذا المجال. وأقرّ عدد من هؤلاء بجملة من التحديات تواجهها تلك المحاولات وأبرزها التطور السريع للتكنولوجيات الجديدة وارتفاع أسعارها وما يتطلبه كسبها من امكانيات مادية ومنهجية تعتمد الخلق والابداع لتطوير صناعة المحتوى دعما لاستراتيجيات التنمية. هؤلاء وهم وزراء تكنولوجيات الاتصال في تونس ومالي وجزر القمر والمالاوي ونائبا وزيري الاتصالات المصري والجزائري وممثلة المفوضية الافريقية للتنمية أجمعوا على القول إن التمكن التكنولوجي من مهمّات الشباب اليوم لذلك وجب اعطاؤهم الفرصة لإبراز مهارات وإن «على المستوى المحلي والجهوي والوطني والعالمي» حسب قول السيد أمادون توراي. فجوة رقمية في تونس الوزير التونسي السيد محمد الناصر عمار قال إن الحد من الفجوة الرقمية أصبح من الأولويات مشيرا الى ان تونس تخطو خطوة متزنة نحو دعم الاستخدام التكنولوجي ودعم رصيدها البشري من الشباب في هذا الاتجاه. وبالارقام أوضح ان حوالي 35٪ من التونسيين يستخدمون الانترنات وان حوالي 27٪ من مجموع عدد السكان طالبي علم يؤمّون المدارس والمعاهد والجامعات وان 50 ألف طالب يدرسون اختصاصات تكنولوجية. وذكر ان الفجوة الرقمية في تونس تحدث بين جيلين هم جيل من تقدمت بهم السن فيجهلون كيفية استخدام التكنولوجيات الحديثة وجيل أغلبهم دون 30 سنة ويتقنون المهارات التكنولوجية. وتساءل السيد محمد الناصر عمار عن كيفية تطويع تلك المهارات حتى تكون ذات جدوى اقتصادية. وأبرز أن الدولة التونسية تركز مجهودها في هذا المجال على ثلاثية لتنمية القدرات وتنمية الشباب وتنمية التكنولوجيا لذلك تسعى الى ضمان النفاذ المبكر للانترنات بالنسبة الى الأطفال في المدارس. وقال إن الاشكالية التي تطرح في تونس تكمن في صناعة المحتوى. فأكثر من مليون مستخدم تونسي للموقع الاجتماعي «فايس بوك» يطرحون سؤالا حول كيفية تطويع تلك المهارات لتطوير القدرات المحلية الوطنية والمحتوى الوطني خدمة للتنمية. التحديات التونسية عن التجربة التونسية ايضا والتي بدت الأكثر ثراء مقارنة ببقية الدول المشاركة وخاصة منها دول الجوار، قال السيد محمد الناصر عمار إن تونس تأمل في بناء مشاريع تكنولوجية كبرى ومنها ربط 50٪ من العائلات التونسية بشبكة الانترنات خلال المخطط التنموي الجاري. وأكد ان كل الخطوات تمرّ حتما عبر الشبان في مختلف المراحل من مدارس الأطفال الى المرحلة الجامعية وغيرها. وذكر الوزير ايضا ان وصل المراكز الصحية بشبكة النات ونشر تكنولوجيات الاتصال واحد من تلك المشاريع، مؤكدا مرة أخرى أن التحدي الأبرز الذي تواجهه تونس هو كيفية انشاء محيط ملائم يمكنه تطويع التكنولوجيات الحديثة خدمة للتنمية. من جهتهم قدم ممثلو بقية الدول لمحة عن تجارب بلدانهم في محاولات كسب الرهان التكنولوجي فقال نائب الوزير المصري إن بلاده تسعى الى تعزيز قدراتها في المجال من ذلك تكوين الموارد البشرية، إذ تم تخصيص الموارد البشرية وقدرها 100 مليار جنيه مصري لتكوين أكثر من 25 ألف طالب في المجال التكنولوجي. كمال قال ممثل الدولة المصرية انه تم احداث مركز للمبادرة ووحدات بحث في المخابر لتكوين الطلبة والأساتذة. وتسعى مصر أيضا الى دمج التكنولوجيا في المنظومة التربوية وذلك بتشبيك المدارس والجامعات. الجزائر الالكترونية المشروع الأكثر حماسة لكسب التكنولوجيا تقدم به نائب وزير البريد والاتصالات الجزائري تحت مسمى الجزائر الالكترونية وهو مشروع ضخم لتطوير التكنولوجيا في الجزائر. وقال نائب الوزير الجزائري ان سوق المعلوماتية أصبح متاحا في الجزائر لتطوير الامكانيات الحالية المتوقفة عند حوالي 900 ألف منخرط فقط في الانترنات و3 ملايين مشترك فقط في الجوال مع اقتصار السوق على موزع واحد للهاتف القار. كما قال ممثل الجزائر ان الشباب هو الاكثر استخداما للنات لذلك ظهرت في الجزائر المقاهي السيبرنية أمام غياب شبه تام للادارة الالكترونية اذ تقتصر صفحات الواب على الوزارات فقط ومنها وزارتا التعليم العالي والداخلية. أما الموارد البشرية التكنولوجية فيتخرج من جامعات الجزائر سنويا حوالي 10 آلاف حامل شهادة اختصاص تكنولوجي ويعترف المتحدث أن التحدي الذي تواجهه الجزائر يكمن في المنهجية المعتمدة لتطبيق هذا البرنامج الرقمي اذ تتطلب خلقا وابداعا «وهذا لدى الشباب» حسب قوله. قادرون على التنمية بقية التجارب كانت متفاوتة بين جزر القمر وجزر المالاوي ومالي الا أن الرغبة بدت متطابقة جدا في الطموح الى مجتمع رقمي بين هذه الدول. وتعليقا عن مجمل التجارب الافريقية قالت ممثلة المفوضية الافريقية للتنمية ان افريقيا قادرة على النمو وأن استخدام الشباب الافريقي التكنولوجيات الحديثة لابد أن يكون استثمارا ذا قيمة اذ آن الأوان للخروج من صفة المستهلك السلبي للتكنولوجيا والتمكن لتحقيق صناعات ذكية متقدمة. وأبرزت أن منتدى تكنولوجيات المعلومات والاتصال للجميع تونس زائد 5 فرصة مثله مثل بقية الملتقيات التي يتم عقدها على المستوى الافريقي للتباحث في ما يمكن ان تقدمه افريقيا في المجال التكنولوجي من صناعة ذكية ومن تنمية لقدراتها كما تساءلت عما يمكن أن يقدمه الجهاز المؤسساتي لمساعدة الشباب. في تصريح ل«الشروق» حول ما يمكن أن يقدمه الاتحاد الدولي للاتصالات من مساعدة للشباب الافريقي فقير الامكانات قصد دعم قدراته على التمكن التكنولوجي وبالتالي المساهمة في التنمية قال السيد أمادون توراي أمين عام الاتحاد الدولي للاتصالات «انني شخصيا ضد استخدام كلمة مساعدة وأقول ان وضع السياسة الملائمة في هذا الاتجاه تستقطب المساعدة الأفضل لذلك وجب أولا خلق المناخ الملائم وخلق الفرص ثم ان المشروع الجيد يحظى حتما بالتمويل الأسرع».