تطرحُ المناسبات الاجتماعيّة والعائليّة والدينية وفي كلّ عام مسألة القدرة الشرائيّة للمواطن، ويتكثّف هذا الطرح ويزدادُ وجاهة مع تزامن وتتالي العدد الأهم من هذه المناسبات في حيّز زمني وجيز حيث موسم الأفراح وشهر رمضان والعيدين والعودة المدرسيّة ، هذا مع ما أصبح يُعرفُ به التونسي من رغبة في الاصطياف والتجوّل والترفيه تكريسا للسلوك المتمدّن ومظاهر الحداثة وجودة الحياة بمفهومها الشامل والتي تتقدّم فيها البلاد أشواطا متتالية من مرحلة إلى أخرى. ومع ما يقوم به المواطن وتقوم به العائلة من جهد للتفاعل مع متطلبات هذا الكم الهائل من المناسبات وإيجاد الحلول الملائمة فإنّ مسؤوليّة الحكومة بمختلف وزاراتها وهياكلها الإداريّة تبقى مسؤوليّة مركزيّة ومحوريّة في تخفيف الضغط عن المواطنين عبر تشديد المراقبة من حول المضاربين والسماسرة والتحكّم الجيّد في مؤشّر الأسعار والتعاطي الإيجابي والفاعل مع أوضاع الإنتاج وآليات التزويد والخزن والعرض والطلب في مختلف الأسواق والفضاءات التجاريّة. هذه المسؤوليّة هامّة ومؤكّدة اليوم لتوفير مجالات إضافيّة تُراعي القدرة الشرائيّة للمواطن ولا تحمّلها أثقالا إضافيّة ، وهي مسؤوليّة وطنيّة كبرى لأنّها تمنحُ المفاوضات الإجتماعيّة والزيادة الدوريّة في الأجور معناها وقيمتها، أمّا وأن يحتكم العرض في أسواقنا إلى هوى المحتكرين وغيرهم وأن يرتفع مؤشّر الأسعار متى عنّ له ذلك وبالحجم الّذي يبتغيه فإنّ هناك مخاوف متعدّدة من أن تختنق قدرة واستطاعة الناس عن اقتناء ضروريات حياتهم وحاجياتهم اليوميّة. ومن المؤكّد فإنّه كلما كان هناك عزم وإرادة وجديّة في التعامل مع جملة تطورات العوامل المؤثّرة في مستوى الأسعار فإنّ الحصاد يكون وفيرا، وليس أدلّ على ذلك من الدور المميّز الذي قامت به شركة اللحوم هذه الأيّام على مستوى إيجاد الحلول لعرض وفير لأضاحي العيد وبمقدار الأسعار المحدّدة والّتي هي متناسبة إلى درجة كبيرة مع المقدرة الشرائيّة للعدد الأهم من العائلات والأسر التونسيّة، هذا التدخّل الناجع وإن أضرّ قلّة من المضاربين والسماسرة سعت كعادتها إلى إلهاب أسعار أضاحي العيد مثلما اتّضح ذلك خلال أولى أيام العرض فإنّه تدخّل ووفّر لجيب المواطن مقدارا ماليّا محترما تأتّى من الفارق في الأسعار بين شركة اللحوم (هيكل إداري) وسائر فضاءات البيع (البطاحي والأسواق الشعبيّة). الخطّة المحكمة والمدروسة التي تمّ وضعها هذه السنة بخصوص أضاحي العيد والتي تؤكّد أنّ «علوش العيد» سيكون متوفّرا وإلى آخر اللحظات وبالكميّة الكافية وبأسعار أقرب إلى الواقع تُعطي الانطباع بأنّ مختلف الوزارات والهياكل الإداريّة وفي مختلف الميادين والقطاعات بإمكانها أن تفعل الشيء الكثير للتخفيف عن الناس وطأة غلاء الأسعار والكلفة الباهظة عبر التدخلات التعديليّة والمخزونات الموسميّة وتحقيق الترابط المطلوب بين مختلف حلقات الإنتاج ومسالك التوزيع وتزويد الأسواق ودون أن ننسى الضرب وبشدّة على أيدي المحتكرين والمُضاربين والسماسرة وهم موجودون في كلّ ركن للتضييق على الناس فرحة حياتهم ونزع ما في جيوبهم وحساباتهم.