حصلت خلال اليومين السابقين لعيد الاضحى (الاحد والاثنين) المفاجأة التي توقعها كثيرون وهي نزول أسعار الأضاحي بشكل مذهل مقارنة بالأسعار التي تم تداولها قبل حوالي 10 أيام من موعد العيد. وحسب ما عاينته «الشروق» بأسواق الأضاحي ببعض المناطق يومي الأحد والاثنين الماضيين، نزلت أسعار «البركوس» الى ما دون 250د. بعد أن بلغت قبل ذلك بأيام ما لا يقل عن 400 و450د (دون الحديث عن بعض الحالات الشاذة التي طالب فيها بعض التجار والوسطاء بأسعار خيالية تراوحت بين 500 و600د). أما الخرفان الصغيرة فنزلت اسعارها الى حدود 150د، وهناك من تحدث عن اسعار 120 و130د، بعد أن بيعت مثيلاتها قبل أيام ب 250 و300د. واتضح بالكاشف ان كل الذين أخّروا شراء «العلوش» الى يوم الأحد والاثنين كانوا أبرز المنتفعين بما أن قرارهم هذا جعلهم يوفّرون على الأقل مبلغ 100د عكس كثيرين خيّروا الشراء قبل ذلك بأيام وندموا على «التسرّع» وعلى عدم المغامرة بتأجيل الشراء الى اليومين الاخيرين. مغامرة ما حصل يومي الاحد والاثنين الماضيين لا يمكن اعتماده قاعدة لشراء أضاحي العيد... ففي السنة الفارطة أخّر كثيرون الشراء الى اليومين الاخيرين لكنهم تفاجؤوا بالارتفاع المهول للأسعار آنذاك، واضطرّ كثيرون الى الامتناع عن الشراء، وآخرون الى البحث عن العلوش ليلة العيد بعد أن بيعت كل الكميات المتوفرة رغم ارتفاع أسعارها... وهو ما يجعل من تأخير شراء الاضاحي الى اليومين الأخيرين مغامرة قد تنتهي بالشراء بسعر منخفض (على غرار هذه السنة) أو بسعر مرتفع جدا (على غرار السنة الفارطة). لكن في كل الحالات يبقى سلوك المواطن وخاصة طريقة «المقاطعة» او الامتناع عن الشراء عند ملاحظة ارتفاع سعر مادة ما هو الحل الامثل للضغط عليه فيما بعد. متوفّر أثناء الاتصال بمختلف الاطراف والجهات الرسمية المتدخلة في قطاع المواشي وأضاحي العيد، أكدوا ان كل ما قيل قبل العيد حول توفّر قطيع الاضاحي بالكميات اللازمة وأكثر لم يكن مجرّد إدّعاءات الغاية منها تهدئة المواطن بل كان حقيقة ثابتة... ويقول السيد كريم داود (مكلف بالانتاج الحيواني باتحاد الفلاحين) إن الفلاح والمربي أديا المهمة المنوطة بعهدتهما وهي توفير منتوج كاف من الخرفان لتلبية كل حاجيات عيد الاضحى وأكثر... وحسب كريم داود، فقد اتضح ان الدخلاء والوسطاء الذين يستغلون مثل هذه المناسبات هم الذين أدخلوا اضطرابا على قاعدة العرض والطلب وحصل ما حصل خلال الأسبوعين السابقين للعيد.. ولو سارت الأمور بشكل عادي (عرض وطلب) لما حصل ذلك... وهو ما يقتضي حسب المتحدث مزيد تأهيل مسالك توزيع المواشي الحيّة والضرب بقوة على أيادي المحتكرين والدخلاء في مثل هذه المناسبات حتى تسقط كل حساباتهم في الماء على غرار ما حصل خلال هذا العيد. وعي تجمع كل الأطراف المتدخلة في هذا المجال على أهمية وعي المواطن وتصرفه الرشيد في مثل هذه المناسبات.. فقد قاطع كثيرون شراء العلوش خلال الايام الاولى ومنهم من قرّر عدم الشراء أصلا والاكتفاء بشراء كمية صغيرة من اللحم... ورغم ذلك لم يرم «القشّارة» والسماسرة المنديل وواصلوا «الحلم» والتمسّك بالأسعار التي أطلقوها في البداية لكن ذلك لم ينطل على المواطن الذي فضّل عدم شراء الأضحية على ان يذهب هو ضحية.. وتقول السيدة لمياء عبروق مديرة المرصد الوطني للتزويد والأسعار بوزارة التجارة ان نزول أسعار الأضاحي في اليومين الأخيرين كان متوقعا بحكم مجهودات كل الاطراف في التحسيس والتوعية (وسائل الاعلام منظمة الدفاع عن المستهلك) وأيضا بحكم مجهودات السلط المعنية (وزارة التجارة ووزارة الفلاحة) في توفير كميات من الأضاحي لتعديل السوق مؤكدة ان نزول الأسعار فاق في بعض المناطق التوقعات وهو ما أثلج صدور الجهات المسؤولة التي تحرص دوما على حماية المواطن من كل التلاعبات.. وشدّدت المتحدثة على أهمية التصرف الرشيد للمستهلك في مثل هذه المناسبات على غرار ما حصل في رمضان الفارط مثلا عندما هدأت الأسعار بشكل ملحوظ بعد اليوم الأول.. ٭ فاضل الطياشي بعد «مفاجأة» أسعار الأضاحي: انخفاض متوقع في سعر لحم «العلوش» على مدار العام لاحظ كثيرون بإقليم تونس الكبرى وبأغلب المناطق الداخلية للبلاد ان أسواق وبطاحي أضاحي العيد كانت مكتظة جدا بالخرفان الى حدود ليلة العيد وحتى الى صباح العيد، واضافة الى النزول المذهل للأسعار فقد اتضح ان كمية كبيرة من الخرفان لم يتم شراؤها وهو ما يعني أنها ستبقى على ذمة المستهلك للفترة القادمة لدى المنتجين والقصّابين.. وهو ما جعل كل المختصين يتحدّثون عن امكانية انخفاض أسعار لهم الضأن لدى الجزارين في الأشهر القادمة بعد ان اتضح ان الانتاج متوفر بشكل كاف وأن كل ما يقال حول قلة العرض وتأثير ذلك على ارتفاع سعر اللحم ما هو الا مبررات واهية يلجأ لها المتدخلون في هذا القطاع لإلهاب الأسعار والاضرار بالمقدرة الشرائية للمواطن. ويقول السيد نورالدين العبيدي (رئيس غرفة باعة اللحوم بالجملة) إنه بالفعل اتضح ان «العلوش» متوفر بشكل عادي في بلادنا خاصة بعد ما حصل بمناسبة العيد... وان المواطن مطالب بمواصلة التصرف الرشيد خلال الأيام العادية ومقاطعة اللحوم الحمراء عندما يلاحظ ارتفاعا غير عادي في أسعارها... وعلى الأطراف المتدخلة ان تعي بأن سعر 16 و17د للكلغ الواحد من لحم الخروف غير معقول بالمرة. اذ لا يوجد ما يبرّره خاصة وأن الكمية المتبقية من أضاحي العيد قادرة على تعديل السوق بشكل كبير بما أن أغلبها من صنف «البركوس» والذي سيكون أصحابه مضطرين لبيعه في السوق بعد أن بلغ سنّا قصوى لا يمكن معها مزيد تسمينه والانفاق عليه.