عادة ما تتسم «الدربيات» وفي كل أصقاع الدنيا بالحماس والحرارة والتشويق والإثارة ليكون مردود اللاعبين كبيرا وتشجيعات الجماهير أكبر إلا أن المنطق يفرض أن يكون العطاء غزيرا والمردود أفضل والحماس أكثر توهجا كلما تعلق الأمر بمصير المنتخب الذي يحمل الراية الوطنية في مختلف المحافل الإقليمية والقارية والدولية... مثل هذا الحديث يتضخم وبشكل كبير جدا في الأوساط الرياضية التي تدرك أن مقابلة «دربي» العاصمة لهذا اليوم التي ستجمع الإفريقي والترجي سيكون فيها مردود اللاعبين الذي كان هزيلا مع المنتخب الوطني في بوتسوانا كبيرا وجديا أكثر في هذا «الدربي» وكتأكيد من العناصر الدولية في هذا الفريق أو ذاك من أن التصاقهم بنواديهم أعمق من التصاقهم بالفريق الوطني شأنهم شأن اللاعبين الآخرين... حول هذا الموضوع تحدث بعض اللاعبين القدامى المحايدين فكانت آراؤهم كالآتي: عبد السلام عظومة (النجم الساحلي): أعتقد أن اللاعب الذي يؤمن بفريقه أكثر مما يؤمن بالمنتخب ويقدم لناديه أكثر مما يقدم للمنتخب الذي يحمل الراية الوطنية لا يمكن اعتباره لاعبا مسؤولا ومتشبعا بالروح الوطنية... و«الدربي» الذي جاء بعد أربعة أيام من مهزلة بوتسوانا سيؤكد ذلك خاصة أن المسألة مشتركة وأصبحت تحرك خيوطها المادة (أي المال) حيث منح الأندية والأنصار الميسورين وتشجيعات الأحباء بعيدا عن الشعور بالمسؤولية وروح الانتماء... وهذا خطير جدّا على كرتنا التي بدأت تتراجع بشكل جلي حتى على مستوى الأندية باعتبار أن «الدربي» في حد ذاته كان من أجل «المريول» وأصبح اليوم من أجل «المنح»؟ عبّاس عباس (النادي الصفاقسي): المنطق يفرض أن يكون العرق أكثر غزارة عندما يتعلق الأمر بالمنتخب ومن أي لاعب ومهما كان اسم فريقه غير أنه وبعد تغير المفاهيم في عصرنا هذا فإن «دربي» اليوم سوف لن يكون عاديا من حيث الحماس وقيمة الرهان. وبعض اللاعبين الدوليين سيحرصون على تأكيد جدارتهم في فريقهم بعد تقديمهم للمردود الهزيل مع المنتخب خوفا من ردة فعل الجماهير. منصف وادة (شبيبة القيروان): «الدربي» عادة ما تكون تحضيراته أكبر على كل المستويات حيث المحيط والإعلام وحتى الهيئات المديرة وغيرها ومقابل ذلك فإن المنتخب الذي أصبح فيه اللاعب يخاف من الإصابات من أجل ضمان المشاركة في مثل هذه «الدربيات» يستوجب إعادة النظر في عديد تفاصيله وجزئياته وقوانينه باعتبار أن المنتخب ومهما كانت ظروفه يبقى أكبر من كل الأندية وأفضل شرف لأي لاعب هو تقمص زي الفريق الوطني والدفاع عن حظوظه ببسالة ولكن اليوم سيطرت عقلية «النجومية الجوفاء» وخاصة في الأندية عبر الإغراءات المادية دون تقديم الامتاع الكروي وبالتالي فإن «الدربيات» أصبحت أقوى وأفضل من مقابلات المنتخب... وأعتقد أن «دربي» اليوم سيكون متسما بالحرارة والحماس وما أتمناه هو أن ينتهي في كنف الروح الرياضية بعيدا عن فوضى المدارج والتهشيم والتكسير والاعتداء على كل الأخلاقيات والمكاسب. شكري البجاوي (النادي البنزرتي): رغم أن المنتخب الوطني تراجع كثيرا من حيث هيبته من المفروض أن تتم معالجة ظروفه لإعادته إلى السكة الصحيحة إلا أن «الدربي» بشكل أو بآخر تبقى حركيته وحماسه وحرارته كبيرة جدا في مختلف الأوساط الرياضية ولذلك من المنتظر أن يكون هذا اليوم استثنائيا باعتبار أن الترجي «مجروح» بعد خيبة مازمبي ولذلك سيحرص على القيام برد فعل كبير ومقابل ذلك فإن الإفريقي المترشح إلى الدور النهائي لبطولة شمال إفريقيا يعيش فترة انتعاشة قصوى سيكون في أفضل حال لتحقيق الفوز ولذلك أتمنى أن يكون اللقاء رياضيا وممتعا أخلاقيا فوق الميدان وخارجه... نبيل بالشاوش (الأولمبي الباجي): لنقتنع أولا أن اللهث أصبح كبيرا من أجل الحصول على النتائج التي تضاعف عدد الجماهير وتثير الحماس في كلّ الرياضيين ولذلك فإنه وبعد تراجع نتائج المنتخب الذي أصبح يعطي الأولوية للتونسيين الناشطين في أوروبا تمّ تسجيل الفتور الكلي نحو المنتخب ومقابل ذلك فإن اللاعب التونسي الناشط في البطولة المحلية أصبح يعطي ويقدم لفريقه أكثر مما يقدمه للفريق الوطني وخاصة في مواعيد «الدربيات» التي تستقطب اهتمام الرأي العام بشكل كبير جدّا وقد يكون «دربي» اليوم من أفضل «الدربيات» بين الإفريقي والترجي من حيث الحماس والحرارة والحركية الإعلامية والرياضية ككل خاصة أن الإفريقي عائد وبقوة والترجي حريص على ردة فعل فشله أمام مازمبي في نهائي كأس رابطة الأبطال. رشاد التونسي (الملعب التونسي): لو قدّم اللاعبون الدوليون المردود الطيب لترشح المنتخب منذ مرحلة الذهاب أو ضمن تأهله بنسبة كبيرة جدا ولذلك فإنّ تعلقهم بأنديتهم أصبح أكبر وبكثير من تمسكهم بالمنتخب الوطني حيث يكون العطاء أوفر ولذلك فإن «دربي» العاصمة لهذا اليوم قد يكون من أفضل «الدربيات» من حيث العرق والعطاء خاصة أن الإفريقي يعتبره فرصة مهمة له بعد شعوره أنه في أوج العطاء مقابل حرص الترجي على انتهاز فرصته لمسح خيبة مازمبي في هذا اللقاء.