أزمة سياسية عاصفة... وفوضى أمنية عارمة تلوح في الأفق... هكذا تبدو وجهة الاحداث في الكوت ديفوار الذي بات مهددا بالغرق مجددا في أتون الحرب الاهلية على غرار تلك التي شهدها عام 2002 بعد أن بلغت الاضطرابات مداها. فالبلد الافريقي المضطرب يعيش منذ أكثر من أسبوع ب«رأسين» رغم وجود كرسي واحد للرئاسة... الرئيس المنتهية ولايته لوران غباغبو ومنافسه الحسن واتارا يدعي كل منهما أنه رئيس الجمهورية بل انهما شكلا حكومتين وعينا رئيسي وزراء في بلد «الكاكاو» أو المستعمرة الفرنسية السابقة. هذه الأزمة القديمة الجديدة تفجرت عندما أعلنت لجنة الانتخابات فوز واتارا بنسبة 54% مقابل 46% من الأصوات لغناغبو الا أن رئيس المجلس الدستوري سرعان ما خرج على الملإ ليؤكد أن غباغبو هو الفائز بعد أن أحرز 51% من الاصوات معلنا أن نتائج التصويت في سبع مناطق شمالية مؤيدة لواتارا ألغيت بسبب ما قال انها تجاوزات انتخابية خطيرة. ولم يقف الامر عند هذا الحد... بل ان رئيس الوزراء الايفواري فويلومي سورو لوح بطرد غباغبو من القصر الرئاسي معلنا تأييده لواتارا... لكن سورو ليس وحده من يهدد... ففي الجهة المقابلة توعد الجيش الايفواري بردع كل من تخول له نفسه مهاجمة غباغبو... الاتحاد الأوروبي دخل هو الآخر على الخط وهدد بفرض عقوبات على البلاد... أما البنك الدولي فلوح بوقف مساعداته في حين واصل غباغبو «تمترسه» في القصر الرئاسي آمرا بتمديد حظر التجول ليلا لأسبوع اضافي. في المقابل «تسلح» الحسن واتارا في هذه «المواجهة» بدعم دولي كبير حيث انهالت عليه التهاني من الأممالمتحدة ومن الولاياتالمتحدة وأوروبا وفرنسا ومنظمة «إيكواس» لدول غرب افريقيا.. دعم يفتقده غباغبو الذي يواجه الآن العزلة لكن غباغبو المتشبث بالسلطة استقبل أول أمس أيضا الوسيط الافريقي تابوميكي بقصر الرئاسة في لقاء انتهى كما بدأ.. وهو ما يعني أن الأزمة لم «تعثر» بعد على «تسوية» وأن التفاوض ليس واردا اليوم بالنسبة الى «الخصمين» اللذين أدّى كل منهما اليمين الدستورية ومضى كل منهما في تشكيل حكومته.. هذه الأزمة السياسية المتصاعدة والمرشحة للمزيد من الاحتدام جاءت بعد نحو عقد من الحرب الأهلية المدمّرة ومحاولات الانقلاب التي أدّت الى تقسيم البلاد الى جنوب يخضع لسيطرة الحكومة وتقطنه أغلبية مسيحية وشمال أغلبية سكّانه من المسيحيين. لكن انقسام الكوت ديفوار منذ انقلاب سبتمبر 2002 مازال قائما ويبدو السيناريو الراهن ليس أقل قتامة عن عام 2002 حيث تبدو البلاد على حافة اندلاع حرب أهلية جديدة بعد أن بدأت فرصة الحلّ السلمي لهذه الأزمة تتضاءل من يوم الى آخر وبعد أن امتدّ صدى الأزمة السياسية في الكوت ديفوار.. الى ما وراء الحدود والبحار.. فمن ينقذ إذن هذا البلد من الانفجار؟ واتارا رئيسا للكوت ديفوار... وغباغبو يشكل الحكومة! أبوجا أبيدجان (وكالات): اعترف التجمّع الاقتصادي لدول غرب افريقيا بالحسن واتارا رئيسا منتخبا للكوت ديفوار ودعا غريمه لوران غباغبو الى التخلّي عن السلطة فورا بعد أن عمد الى تشكيل حكومته متجاهلا دعوات المجتمع الدولي الى الاعتراف بنتائج الانتخابات والتي أقرّت فوز واتارا. وأضاف التجمع الاقتصادي لدول غرب افريقيا المؤلف من 15 دولة أنه جمد عضوية الكوت ديفوار بعد قمّة عاجلة حضرها زعماء دول المنطقة في العاصمة النيجيرية أبوجا. وجاء في بيان للتجمّع بعد اجتماع عاجل استمرّ عدة ساعات أن «القمّة تدعو لوران غباغبو الى الاذعان لنتائج الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية حسب ما اعتمدتها بعثة الأممالمتحدة في الكوت ديفوار وتسليم السلطة دون تأخير من أجل مصلحة الشعب الايفواري». وفي الوقت الذي يقيم واتارا في أحد الفنادق الكبرى بالعاصمة أبيدجان محاطا بعناصر قوّة الأممالمتحدة وأفراد القوات الجديدة (متمردون سابقون) ترأس الرئيس المنتهية ولايته لوران غباغبو أول جلسة لحكومته الجديدة في القصر الرئاسي. وفي مواجهة حكومة واتارا التي ترأسها الزعيم السابق للمتمردين غيوم سورو شكّل غباغبو حكومة مواجهة تضمّ مناصرين له في مناصب استراتيجية على غرار دجيدجي، المستشار والسفير السابق في الاممالمتحدة الذي بات وزيرا لللخارجية. وأعلن سورو أنه عازم على فرض سلطانة من خلال السيطرة على الأمور المالية في البلاد في الأيام المقبلة، وقال «نحن نملك السلطة والمطلوب منا تفعيلها». وفي أبيدجان بدا الناس متعايشين مع هذا الوضع غير العادي حيث بدت الحركة في الشوارع طبيعية. وكانت سوزان رايس، مندوبة الولاياتالمتحدة الدائمة لدى الأممالمتحدة صرّحت بأن 14 دولة من الأعضاء ال 15 في مجلس الأمن الدولي وافقت بعد المحادثات المغلقة التي استمرّت أكثر من خمس ساعات على الاعتراف بفوز واتارا في الانتخابات، غير أن مندوب روسيا أعلن معارضة بلاده.