إعداد محمد الهمامي كثيرا ما خرج الإفريقي في المواسم الأخيرة من عنق الزجاجة، بفضل إنجاز فتى يحمل من الاسم زهير الذوادي وهو لاعب أعاد إلى الأذهان إبداعات ذلك الزمن الجميل من اللاعبين الأفذاذ، الذين وصفوا بالأجنحة الطائرة مثل الطاهر الشايبي وتميم الحزامي وجمال الدين ليمام وغيرهم... لم يمثل قدوم الذوادي إلى الحديقة «أ» في يوم من الأيام، حدثا بارزا، فيومها لم يكن أحد يسمع بهذا «الطفل» القادم من شبيبة القيروان ولكن منذ أن اشتد عوده في الإفريقي وبات يداعب الكرة، نطقت قدماه المليئتان بالموهبة لتتغلب على خجله الطفولي وبات يسرق الأضواء من الجميع وسحب البساط من تحت أقدام لاعبين كانوا شاهدين على بروز إسم نجم كبير يولد في الأفق... سرعة رهيبة، تحكم في الكرة منقطع النظير، يستطيع حمايتها كما تحمي الأم طفلها الصغير، فيعجز المدافعون عن افتكاكها منه، فيسير بها في إتجاه المرمى متخطيا كل الحواجز ليتم وصفه بالجناح النفاثة لأنه ببساطة تصعب السيطرة عليه عندما يفكر في فعل ما يريد... أمام هذه الموهبة تداعت أكبر الدفاعات وبرز أفضل المدافعين أقزاما أمامه، والتاريخ يحتفظ بلائحة طويلة من اللاعبين «ضحايا» الذوادي واحتراما لهم سنتجنّب ذكرهم... ازداد حبّ وعشق جماهير الأحمر والأبيض لهذا اللاعب لأنه كان من أبرز المساهمين في إنهاء احتكار الغريم التقليدي الترجي لمواجهات الدربي، بل نجح في طبع بعض المواجهات باسمه الخاص، حتى سميت بعض التدريبات بدربي «الذوادي»... بعيدا عن الكرة يملك زهير شخصية لافتة، لا يستسلم بسهولة، يقاتل حتى الرمق الأخير، يلهب حماسه الجماهير ببعض اللقطات التي تظهر عشقه الإفريقي بعيدا عن المكسب المادي وهي خصلة أخرى يتيمز بها هذا اللاعب في زمن زحف فيه «المتمعشون» على لغة نشأت على الحب الصادق والحقيقي للفريق، قبل أن يصيبنا داء الاحتراف الذي لم نتعلمه بعد... رغم كل هذا تحتفظ له الذاكرة ببعض التصرفات «الطفولية» من انفعال وقتي وعدم القدرة على التحكم في الأعصاب والدخول في نقاشات لا طائلة فيها مع اللاعبين أو الحكام وكل هذه النقاط السلبية لخّصها بن شيخة في وصف دقيق اختزل ما قيل وأعاق حركات الباحثين عن الإحباط بقوله «الذوادي طفل صغير»... موسم الذوادي في هذا الموسم بالذات، الذي يتزامن مع الربيع الثاني والعشرين للذوادي انتقل الملاحظون والمراقبون من الحديث عن الشاب الموهوب إلى الحديث عن اللاعب «الكبير» صاحب الطموح المشروع في أن يصبح الأفضل محليا رغم احتدام المنافسة بينه وبين أسماء مثل الدراجي والمساكني والمويهبي ويحيى وغيرهم وأن يكون كذلك مؤهلا لخوض تجربة احترافية تحت شعار جراء المجتهد فما ينقله بالكرة لا يقدر عليه إلا نزر قليل من الذين منحهم ا& الموهبة أو من المبدعين بالفطرة... أوروبا تناديه هذا أمر لا جدال فيه، لكن لا نريد أن نكرر أخطاء الماضي، مع لاعبين وصفناهم بالكبار في تونس فانتهوا «صغارا» هناك وراء البحر المتوسط لذلك وجب أن نذكر الذوادي بأنه مطالب بتطوير مستواه فنيا حتى لا يعتمد فقط على موهبته لأن الكرة أصبحت صناعة أيضا وعليه التغيير من سلوكه الإنفعالي تجاه الحكام واللاعبين لأن هذه الأشياء «البسيطة» عندنا، هي أسرار النجاح عندهم». أخيرا يذكرنا الذوادي بلاعب عالمي وهو راين غيغس ورغم أننا نرفض التشبيه إلا أنه الذوادي قد يكون «غيغس جديد» سيغزو أوروبا... قالوا عن الذوادي : محمد الكوكي: لابد من تحسين اللعب الفضائي زهير الذوادي يتميز أولا بالسرعة وهذا ما يعني أنه بدنيا لا يعاني من بعض الصعوبات أو المشاكل هذا بالإضافة إلى قدرته على الاحتفاظ بالكرة والسيطرة عليها لمسافة طويلة تزامنا مع السرعة وهذه من الخصال النادرة التي لا تتوفر إلا في اللاعبين الموهوبين. بالإضافة إلى هذه الميزات يملك الذوادي القدرة على التسديد الدقيق وهذا ما يجعله قادرا على إحداث الفارق دون أن ننسى أنه يحاول تطوير مستواه خاصة من خلال محاولة الاختراق من العمق وعدم التعويل فقط على اللعب على الأطراف. في المقابل عليه تطوير قدرته على تسجيل الأهداف لأنه صاحب نزعة هجومية ويتم تقييمه دائما وفق مقياس التسجيل إلى جانب تنمية قدراته في اللعب الفضائي والتسجيل بالرأس. فتحي العبيدي: عليه بتطوير مستواه يمتلك الذوادي السرعة في اللعب إلى جانب الفنيات العالية في المراوغة السريعة وتجاوز المدافعين فلا يجد صعوبة في المواجهات الثنائية المباشرة بفضل هذه الخصال الفنية التي مكنته من قدرة هائلة على الاختراق. لكن عليه تطوير أدائه في العديد من النقاط منها أولا تنويع طريقته في اللعب حتى لا تصبح صورة نمطية تتكرّر في كل مباراة وبالتالي يتعود المدافعون عليها ويتمكنون من الحد من خطورته وذلك بالتركيز على الاختراقات من العمق وتغيير الاتجاه من السرعة عبر الأطراف إلى التوغل في وسط دفاعات المنافس. ثانيا عليه أن يتعلم كيف يتحرك في الفراغات حتى يوفر الحلول لزملائه وهنا يجب أن يطور نزعته في اللعب من دون كرة والعمل على طلبها في ظهر المدافعين وفي المساحات الشاغرة لأن قوته تكمن عند تسلمه للكرة في قدميه ولا يكون خطيرا عندما يلعب من دون كرة. ثالثا يجب أن يطور أداءه نحو اللعب الجماعي ليكون خطيرا كذلك حتى عند محاصرته، محاصرة فردية وتوظيف فنياته الفردية في خدمة المجموعة سيمكنه من تطوير مستواه وتعلّم طرق جديدة في اللعب ليبلغ مرحلة من النضج الفني والتكتيكي تخول له اللعب في مستوى عال. محمد الجلاصي: أنصحه بالتقليل من النقاشات الميزة الأساسية للذوادي، هي قدرته على اللعب بالرجل اليسرى وهي من الخصال النادرة في اللاعبين في الوقت الحالي... وتنضاف إلى هذا قدرته على المراوغة والتسديد من مسافات بعيدة إلى جانب التوزيعات العرضية الدقيقة وهو في حالة سرعة بالكرة دون التوقف للتوزيع التي تعطل عادة لاعبي الأروقة وتمكن المدافعين من التمركز وتقريبا الذوادي الوحيد في تونس هو الذي يمتلك هذه الخاصية. أما عن نقائصه، فهي تتعلق بالجانب التكتيكي، حيث يكون مطالبا بالعمل على بلوغ النضج عن طريق اللعب بذكاء وتغيير مركزه دون أن ننسى أنه مطالب بالتقليل من النقاشات مع الحكام التي لا طائل منها... الذوادي ليس له مشكلة في اللعب بالساق اليمنى وهذا ما يضيف إليه ميزة أخرى لأنه سيصبح وقتها قادرا على الاختراق من الجهة اليمنى ليمهد من أجل التسديد المباغت بالرجل اليسرى على غرار ما يفعل ريبيري في البايرن.