التسوية ماتت فعلا . وإكرام الميت دفنه . تلك حقيقة ينبغي أن يتقبلها العرب وان يعملوا في ضوئها على ايجاد البدائل الجديدة لتثبيت حقوقهم . فمن مصلحة إسرائيل ان تهلل لهذا الفشل ومن مصلحتها كذلك ان يستمر الجميع في محاولات انعاش فاشلة لعملية المفاوضات. فهدف إسرائيل منذ البداية هو ربح الوقت أكثر فاكثر ، وهي التي تعمل بشعار ملحوظ على تغيير جميع معالم الاراضي المحتلة . فخلال الاسابيع والايام الاخيرة، لم تتوقف آلة الدمار الاسرائيلية عن الهدم والتدمير والطرد، كما لم تتوقف عجلة الاستيطان في كل المواقع رغم الادانات الدولية. وتغتنم اسرائيل في هذا السباق المجنون مع الزمن وضد الشرعية الدولية وكل الارادات الخيرة ، حالة الفراغ السائدة في المنطقة ، وكذلك حالة العجز والاستقالة التي باتت عليها الادارة الامريكية . من مصلحة اسرائيل إذن استمرار هذه الاوضاع، ففيها تتحقق كل مخططاتها المشبوهة دون رادع أو رقيب. ولكن ليس من مصلحة الفلسطينيين، استمرار هذه الحالة التي أودت الى ما تشهده القضية الفلسطينية حاليا، من تآكل. وإذا كان يمكن استنتاج حقيقة أساسية من كل ما حدث ومن كل الوقت المهدور خلال السنوات الماضية التي شهدت عملية المفاوضات بكل مراحلها ، فإنها بالتأكيد ان لا سلام يرجى من مواصلة التفاوض مع اسرائيل طبقا للشروط الحالية ، وانه ينبغي العمل على مراجعة شاملة لكل المرحلة السابقة سواء في علاقة الفلسطينيين بهذه المفاوضات وبأطراف تلك المفاوضات ، من وسطاء او شركاء او حلفاء ، أوفي علاقة الفلسطينيين ببعضهم البعض ، والتي يجسدها خاصة الانفصال الحاصل بين الضفة وغزة وما تبع ذلك من انقسامات على مستوى المؤسسات الفلسطينية . الهدف اليوم ينبغي ان يكون استعادة الوحدة الفلسطينية من جديد وترتيب الأولويات السياسية والنضالية في مواجهة مختلف الضغوط . والهدف أيضا استعادة وزن القضية الفلسطينية في العالم ووهجها الذي خفت بسبب الخلافات الفلسطينية وتهاون الحلفاء والاصدقاء وحتى الاشقاء . والهدف خاصة انقاذ فلسطين والقضية الفلسطينية من النسيان الذي تدفعهما اليه اسرائيل .