هل أصبح فعلا حلم الدراسة بالخارج سهل التحقيق بفعل تكاثر مكاتب تمثيل الجامعات الأجنبية بتونس التي أصبح بامكانها تذليل كل الصعوبات المتعلقة ب»الفيزا» والمصاريف أم أنها أصبحت وسيلة للتحيل. مع احترامنا لكل النزهاء؟ فمن المؤلم أن يصطدم الطالب التونسي بالخارج بعدم سداد معاليم ترسيمه لدى الجامعة الأجنبية في حين أنه يعلم أنها دفعت مسبقا من طرف عائلته وهو ما ساهم في القضاء على مستقبل عديد القاصدين الجامعات الأجنبية الذين يجدون أنفسهم رهينة البطالة والضياع وعادة ما يتنازل هؤلاء عن الشكوى لما قد يصيبهم من مزيد التشرد اذا علم من سهّل خروجهم وأعلم بخصائص وخفايا تلك الديار، إلا أن هذا لم يمنع من أن عديد العائلات التي فقدت الاتصال بأبنائها في الخارج قدمت شكاوى في الغرض الى القضاء إلا أن بعض المكاتب ينطبق عليها مثل «إن لم تستح فافعل ما شئت». ويبدو أن باب التحيل مفتوح على مصراعيه بما أن هناك شغورا قانونيا في هذا المجال اذ يكفي أن يتوجه الراغب في امتهان هذا المجال الى مصالح القباضة المالية ويصرح بفتح مكتب ويدفع معاليم التصريح والاداءات حتى يصبح ممثلا لهذه الجامعة أو لتلك فلا تثبت من اتفاقيات مع الجامعات ولا من وثائق ولا شهائد اقامة سابقة بالخارج ولا هم يحزنون حتى أن بعض المكاتب عند قدوم الطلبة تطلب مبلغ تسبقة منخفض مقارنة بالاجراءات الأولية وقيمتها المالية فمعاليم التأشيرة لأوكرانيا وحدها تبلغ 240 دولارا ومعاليم المراسلات 70 دولارا والاستدعاء من الخارج 20 دولارا فكيف تكون التسبقة المطلوبة من بعض المكاتب في حدود 200 دينار رغم أن كل واحد حر في طريقة ادارة أعماله لكن العملية حسابيا لا تستقيم وتبعث على نوع من الريبة وقد ورطت العديد من الطلبة الذين يدفع أولياؤهم من 800 دينار الى 3000 دينار سنويا مقابل تشرد أبنائهم. وعلى العموم فإن وجود قانون ينظم عمل هذه المكاتب يقي الشباب التونسي بالخارج شرّ أخطار كثيرة ويقي الأولياء شر ضياع شقاء العمر ويقينا استفحال نوع جديد من التحيل مع التقدير لكل من احترم عمله.