صفاقس : الصالون المتوسطي للبناء "ميديبات 18" …دورة واعدة لأكبر معارض البناء في تونس    طقس الليلة    القصرين: وزير السياحة يعلن حيدرة بلدية سياحية    مغلق منذ عقد و نصف.. نزل الغابة يعود النشاط    مهرجان المحرس الدولي للفنون التشكيلية.. معرض أكابر شلبي في رواق يوسف الرقيق    مصر.. تحقيق في حادثة مشجع "رقص عاريا" احتفالا بالفوز    كاس العالم للاندية في كرة اليد.. "مشاركة الترجي" تكشف تفاقم الأزمات بين الأهلي والزمالك    عاجل/ العدوان على غزّة: مفاوضات جديدة في قطر دون شروط مسبقة أو مقترحات    قربص.. البحر يلفظ جثة امرأة مجهولة الهوية    عاجل/ قمة بغداد: عبّاس يدعو المقاومة الى تسليم سلاحها    المرشد الايراني.. إسرائيل ورم سرطاني خطير وقاتل سيتم اقتلاعه من جذوره    قضية رحمة لحمر: أصابع الاتّهام موجّهة إلى 31 شخصا    حادث مرور قاتل في القيروان.. #خبر_عاجل    عاجل/ 17.3% نسبة الأميّة في تونس.. وهذه الولاية في الصدارة    النفيضة: سيدي سعيدان تحتفل بثروتها الخزفية    تونس: شلل في حركة الميترو رقم 1 و 6    ذعر بواشنطن.. الحوثيون كادوا يُسقطون طائرة إف-35    وزير التجهيز: تقدم نسبة أشغال طريق قربص بنسبة تجاوزت 80%    عاجل/ تشمل حمادي الجبالي وفتحي دمّق: تطورات جديدة في قضية التخطيط لعمليات اغتيال    الملعب التونسي: 5 لاعبين يعودون ضد النجم    جندوبة: يوم مفتوح لتحسيس وتقصي أمراض الكلى    تونس الكبرى والساحل في الصدارة: تفاصيل توزيع السكان في مختلف الجهات    المعهد الوطني للإحصاء: تونس تتّجه نحو التهرّم السكاني    عاجل/ تعداد سكّان تونس: الإناث يتجاوزن الذكور بهذه النسبة..    دراسة: المشي يخفض خطر الإصابة ب 13 نوعا من السرطان    وفد صيني يزور القيروان    تونس: مشروع قانون جديد لتنظيم التسويق الإلكتروني في تونس    برنامج مقابلات ربع نهائي كأس تونس لكرة القدم    مجلس الصحافة يكشف قيادته الجديدة : استقلالية الإعلام في صدارة الاهتمامات    حكومة الوحدة الوطنية الليبية تنفي استقالة وزراء    "موديز" تخفّض التصنيف الائتماني لأمريكا والبيت الأبيض يرُد بحدّة.. #خبر_عاجل    حالة الطقس اليوم السبت    اليوم..انطلاق أعمال القمة العربية في بغداد    تونس تعرب عن استعدادها لتكون أرض التلاقي بين الأشقاء الليبيين من أجل حوار ليبي – ليبي برعاية بعثة الأمم المتحدة    صفاقس عرض "وشام" في افتتاح تظاهرة "جذور وأجنحة"    أي مستقبل للمؤثّرين؟    لماذا تستعر نار التشكيك في ثوابت الأمة العربية الآن وبكل حدة؟ حلقة 2    الرابطة 2 (الجولة 25): شبيبة القيروان تواصل الصدارة في المجموعة الثانية، وصراع مشتعل على البقاء    نهائي كأس تونس لكرة القدم يوم 1 جوان في ملعب رادس    أخبار الحكومة    أحوال طقس الليلة    قرارات الرابطة الوطنية لكرة القدم المحترفة    "مغرب الفكر والإبداع": عنوان ندوة فكرية تقام بباريس يوم 20 ماي 2025    الهيئة الوطنية للسلامة الصحية تحجز كميات كبيرة من المواد الغذائية غير الآمنة في عدة ولايات    الملتقى العربي للنص المعاصر من 23 إلى 25 ماي 2025    الاتفاق مبدئيا على اعتماد 21.900 سعر الكلغ من أضاحي العيد    الميزان التجاري الغذائي : تراجع الفائض ب54%موفى أفريل 2025    استعدادات استقبال موسم حج لعام 1446هجرية...تفاصيل    جمعية مرضى الأبطن تطالب الدولة بالاعتراف بداء الأبطن كمرض مزمن    موعد وقفة عرفات 2025...فضل الدعاء والأعمال المستحبة في هذا اليوم    زغوان: انطلاق أشغال ترميم قوس النصر الجنوبي    جريمة مروعة: شاب يقتل صاحب مقهى والسبب لا يصدق..!!    عاجل/ منظمة الدفاع عن المستهلك تُحذّر من بيع أدوية خطيرة مجهولة المصدر عبر وسائل التواصل الاجتماعي..    دعاء يوم الجمعة للأبناء وزيادة الرزق    عاجل : ارتفاع قياسي في الحرارة بداية من هذا اليوم.. حضّروا رواحكم ''للسخانة''    نجا الجميع بأعجوبة: أب يحاول حرق أسرته ليلاً فيُواجه حكما ب7 سنوات سجن!    برشلونة يحسم لقب البطولة الإسبانية للمرة 28 في تاريخه    بين رغبة العائلة وحنين الأصدقاء.. عيد ميلاد عادل إمام يثير الجدل    









خميسيات : خُسوف وخُسوف !
نشر في الشروق يوم 23 - 12 - 2010

تقدّمَ العلم وأصبح للظواهر الطبيعيّة أسبابها المعروفة. وعلى الرغم من ذلك ظلّ «خسوف القمر» يفتن الجموع، فإذا هم يتداعون إليه ويحتفلون به ويخرجون فرادى وجماعات لمتابعته، مستعيدين أمامه دهشة الأطفال!
وهو ما حدث قبل يومين في النصف الشماليّ من الكرة الأرضيّة، في أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية وجزء من آسيا. حيث تمكّن الملايين من مشاهدة خسوف القمر لأكثر من ساعة، وفقًا للأحوال الجوّية المختلفة.
ليس الأمر بجديد. ولعلّه جزء من الرصيد الكونيّ المشترك في هذا العصر المثخن بالصراع. بل لعلّه يمنحنا بعض الأمل في أن البشر لم يتخشّب بشكل كليّ، ولم يخسر براءته تمامًا، مادام لم يفقد قُدرتهُ المدهشة.
الجديد في الأمر أن طرق الاحتفال تغيّرت ووسائله اختلفت. فهي اليوم احتفالات تكنولوجيّة تلفزيونيّة تتناقل فعاليّاتها الصُّحف ومواقع الأنترنات، ويستعدّ لها المحتفلون بمختلف أنواع الآلات الحديثة. بعيدًا عن طقوس القدماء وأدواتهم!
في مصر مثلاً، وفي السودان وفي عدد من بلاد الخليج وغيرها، كانت المرأة الحامل (ولا أدري هل هي كذلك إلى اليوم) تمتنع عن الخروج عند خسوف القمر، خوفًا من أن يخرج جنينها مُشوّه الخلْقة. واعتاد الناس أن يصعدوا إلى سطوح المنازل حاملين معهم الصحون المعدنيّة وأحيانًا الطبول، ضاربين عليها بقوّة، كأنّهم بذلك يزعجون القمر ويدفعونه إلى الخروج لإنهاء حالة الخسوف.
ويبدو أن هذا راجع إلى أكثر من تبرير أسطوريّ وخرافيّ تحفل به حكايات كثيرة تُروى أبًا عن جدّ. من بين هذه الحكايات الجميلة تلك التي تتحدّث عن تمساح خرافيّ عجيب الخلْقة هائل الحجم يعيش قرب النيل، لا يخرج بحثًا عن الطعام إلاّ بين فترة طويلة وأخرى.
تقول الحكاية إنّ هذا التمساح رأى القمر ذات مرّة فافتُتن بنوره وبهائه وابتلعه. لكنّ ضفدعةً نبيهةً أخبرت الناس بالأمر، فخرجوا يحملون آنية الحديد يضربونها بالعصيّ حتى خاف التمساح ولفظ القمر. وهو يعيد الكرّة بين الحين والحين فيحدث الخسوف، فيعيد الناس الكرّة هم أيضًا، مفسدين على التمساح وجبته المفضّلة.
أمّا في تونس فالحكايات في هذا السياق عديدة. ولعلّ من أجملها تلك التي سمعتها وأنا صبيّ، ولعلّي أرويها الآن وقد اختلط فيها ما سمعتُهُ بما اخترعتُه. بعد أن نشأ خيالي على التحليق دون رادع.
تقول الحكاية إنّ العيون التي ترى الخير أقلّ عددًا من مخلوقات الأرض. لذلك قُدّر للبعض أن يفقد إحدى عينيه كي تُمنح إلى مخلوق آخر لا عيْنَ له. هكذا أتيح للطيور أن ترى في السماء وللأسماك أن ترى في البحر وللبشر والدوابّ والحشرات أن يروا في البرّ.
وتمّ تكليف القمر بأن يُشرف على هذا الرصيد، وأن يقوم بتوزيعه بالعدل، وكأنّه «مدير بنك» تمّ اكتشافه قبل ظهور البنوك الحديثة، اسمُهُ «بنك العيون»! ولمّا كان البشر حسودًا بطبعه لا يهتمّ بغيره، فإنّ هذا البنك كثيرًا ما يُفلس ولا يجد عينًا يوصلها إلى محتاج. عندئذ يحتجب مدير البنك (أي القمر) فيحدث الخسوف، إلى حين يحصل المحتاج على حاجته.
حكاية عجيبة من حكايات وخواطر كثيرة قفزت إلى ذهني وأنا أتابع احتفال العالم بهذا الخسوف الجديد. فإذا أنا أفرح بأنّ القمر لم يفقد شيئًا من سحره، على الرغم من أنف العلم، وعلى الرغم من أنف نايل أرمسترونغ وحذائه! إلاّ أنّي أحزنُ حين أرى أقمار الأرض الكثيرة لا ينتبه إلى سحرها أحد.
صنع القمر الحدث إذنْ مرّةً أخرى. وأصبح نجم الفضائيّات بخسوفه. وتناقلت وكالات الأنباء خبر سعادة البعض وتعاسة البعض، كلّ حسب ما توفّر له أو لم يتوفّر من فرصة لمشاهدته بالتلسكوب أو بالعين المجرّدة!
وسرعان ما هبّ الفلكيّون ينوّهون بأهميّة الحدث، الذي لن يتكرّر هناك قبل سنة 2029. مُطَمْئِنين الجميع بأنّ في وسعهم التعويض عمّا فاتهم بمشاهدة كسوف الشمس في السنة المُقبلة، خاصّةً في الشرق الأدنى وآسيا الوسطى وشمال إفريقيا!
كلّ ذلك ولا أحد ينتبه إلى خسوف أقمار وكسوف شموس بشريّة عديدة، تشعّ وتعملُ وتناضل وتخبو وتغيب، دون أن ينظر تجاهها أحد، لا بالتلسكوب ولا بالعين المجرّدة!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.