بانتهاء هذه السنة 2010، التي نوشك أن نودّعها، يكون قد مَرَّ عام على رحيل الشاعر جعفر ماجد، الذي أقامت له وزارة الثقافة والمحافظة على التراث أربعينية في مسقط رأسه شارك فيها الشعراء والكتاب والخطباء بما اقتضاه المقام، ونظم له «المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون بيت «الحكمة» (أمسية ثقافية) بعنوان (تخليدا لروح الدكتور جعفر ماجد) يوم 21 ماي 2010 بمقر المجمع بقرطاج حنبعل، وكانت «الندوة» برئاسة كاتب هذه السطور الذي ألقى كلمة وقصيدة عن جعفر وشارك في هذه الندوة محمد رؤوف يعيش ومحمد اليعلاوي وعبد الرحمن الكبلوطي ومحمد مواعدة، وفي أواخر هذه السنة، أقامت له أسرته في منزله بالعاصمة ذكرى مرور سنة على رحيله، حضرها كثير من أهل الثقافة والفكر والأدب. وقد رأيت أن أساهم في إحياء ذكراه بتقديم هذه الترجمة التي تعرف به منذ ولادته إلى رحيله. ولد محمد جعفر الهذيلي ماجد يوم 27 مارس 1940 بالقيروان وزاول تعليمه الابتدائي والثانوي في مسقط رأسه من 1946 إلى 1960 وواصل تعلمه بمدرسة ترشيح المعلمين بتونس إلى سنة 1960 ثم بدار المعلمين العليا إلى سنة 1963 وأنهى دراسته العليا في باريس بجامعة الصوربون سنة 1965 حيث تحصل على شهادة التبريز من جامعة باريس 1964 وعلى دكتوراه الدولة سنة 1977. وقد نال على بعض الأعمال الأدبية والدراسات العلمية عدة جوائز منها الجائزة الأولى للشعر بالقيروان 1967 والجائزة الأولى عن كتاب «محمد النبي الإنسان» من وزارة الثقافة 1991 والجائزة الأولى للأغنية في المهرجان السابع للأغنية التونسية 1993 وجائزة أفضل كلمات في مهرجان الأغنية العربية في الدورة الرابعة بعمّان عاصمة الأردن 1995 وجائزة أفضل كلمات في الدورة الرابعة عشرة لمهرجان الأغنية العربية بتونس 2008، وتحصل على الصنف الرابع من وسام الجمهورية 1978 والصنف الثالث منه 1966 والصنف الأول من وسام الاستحقاق الثقافي 1982 وجائزة الدولة التقديرية في الآداب والفنون 1994 والوسام العلوي من ملك المغرب 2000 والصنف الأكبر من الوسام الوطني للاستحقاق الثقافي 2001، ووقع تكريمه في مهرجان الأغنية التونسية 1996، وفي بيت الحكمة 2001 وفي القيروان 2001 وشارك في عديد اللقاءات والمؤتمرات الأدبية والثقافية والفكرية منها: مؤتمر أدباء المغرب العربي الكبير في طرابلس 1969 ومهرجان الشعر العالمي بمقدونيا 1969 والملتقيات بالتناوب بين تونس وإسبانيا سنوات: برشلونة 1971 تونس 1973 قرطبة 1975 تونس 1977 ميورقة 1979 تونس 1981 مدريد 1995، وملتقى ابن زيدون بالمغرب 1975 ومؤتمر الأدباء العرب بدمشق 1971 وبتونس 1973 وبالجزائر 1975 وبمهرجان المتنبي بغداد 1977 وفي الأسبوع الثقافي التونسي بقطر والبحرين 1978 بالمغرب 1983 وفي الأسبوع الثقافي بمركز جورج بومبيدو باريس 1985 وملتقى انترليت بألمانيا 1982 وفي الملتقى الدولي للأدب المقارن بعنابة 1983 ومهرجان الجنادرية بالسعودية 1992/1993. وكان رئيسا للجنة الثقافية بالقيروان 1967، وعضوا للهيئة المديرة لاتحاد الكتاب التونسيين منذ تأسيسه. وله دواوين شعرية منشورة وهي : «نجوم على الطريق» 1986 «غدا تطلع الشمس» 1974 «الأفكار» 1981 «تعب» 1993 «الأعمال الشعرية» 2001، وله كتب علمية هي «بغية الآمال في معرفة مستقبلات الأفعال» للبلي وهو تحقيق ودراسة 1971 و«الطاهر الحداد» 1979 و«الصحافة الأدبية بتونس من 1904 إلى 1956» (وهي أطروحة دكتوراه الدولة بالفرنسية) و«فصول في الأدب والثقافة» 1985 وكتاب «المعاني والمغاني» 1990 و«العروض الواضح» 1995 و«كتاب في علم العروض» لأبي الحسن العروضي 1995، و«ثوار إفريقية» 1997 و«المتنبي مالئ الدنيا وشاغل الناس» 1997 و«نزار قباني في عيون النقاد» 1999 و«المنزع العقلي في الأدب العربي من خلال الجاحظ والتوحيدي والمعري» 2000 و«كتاب الرسائل» 2003 و«القيروان في عيون الشعراء» 2009. إثر تحصله على الإجازة، درّس في عدة معاهد ثانوية بتونس من 1963 إلى 1970 وبعد حصوله على الدكتوراه درّس بكلية الآداب إلى تقاعده، ومن سنة 2005 إلى وفاته عضو بمجلس المستشارين، وكان خلال السنة الأخيرة من حياته «منسقا عاما» لتظاهرة القيروان عاصمة للثقافة الإسلامية. هذا ما نعرفه ويعرفه أصحابه ومعاصروه من أعماله المنشورة، إلى جانب أشياء أخرى مثل كتاباته النثرية والشعرية التي لم تُجمع بين دفتي كتاب مما تطول به قائمة كتبه النثرية ودواوينه الشعرية. وأختم هذه الكلمة بالإشارة إلى أنه قد تغنى المغنون والمغنيات بالكثير من قصائده الغزلية والوطنية منها: «الساحرة» غناء علية و«أحبكِ لستُ أعرف ما أقول» غناء أمينة فاخت... وغيرهما لغيرهما. ونرجو بهذه الكلمة العاجلة عن جعفر ماجد في ذكرى مرور عام على انتقاله إلى الرفيق الأعلى أن نكون قد ذكّرنا ببعض ما أنجزه في حياته على درب الفكر والثقافة والإبداع، راجين أن تَبعث هذه الكلمة في الدارسين والباحثين الرغبةَ في دراسة آثاره الفكرية والإبداعية على صفحات الجرائد والمجلات أو في أبحاث جامعية منهجية تليق بما قام به فيها طوال سنوات عديدة. ورحم الله جعفر ماجد في ذكراه السنوية الأولى.