بدأت قوات الاحتلال الصهيوني أمس تسخن لعدوانها الجديد على قطاع غزة حيث قامت بالتوغل شرق مدينة خان يونس بحثا عن مبرّرات أكبر لمخططها الاجرامي القادم الذي تشير كل المعطيات على أرض الواقع الى اقترابه أكثر فأكثر. فالعدوان الجديد أصبح بالنسبة للكيان الصهيوني ضرورة ملحّة، بل هو طوق النجاة الأخير مثل كل مرة، للخروج من الأزمات الداخلية والخارجية. فبعد انكشاف خلايا التجسس التابعة لجهاز المخابرات الصهيوني «الموساد» في كل من مصر وسوريا ولبنان ومطالبة القاهرة للأنتربول باعتقال ضابطين ب«الموساد»، اضافة الى اقرار الرئيس الجديد لهذا الجهاز باغتيال القيادي الحمساوي محمود عبد الرؤوف المبحوح. أصبح كيان الاحتلال يخشى من ردود الفعل في دول الطوق اضافة الى ردّ حركة «حماس». ومن جانب آخر مثلت اعترافات عدد من دول أمريكا اللاتينية بدولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من جوان 1967 وتنامي هذه الظاهرة ضربة لسياسة المماطلة وربح الوقت الصهيونية على مستوى المسار التفاوضي، وبذلك وجد الاحتلال نفسه في حاجة الى حدث جديد قد يعطل مشروع الاعتراف بدولة فلسطين ويدخل العالم في اطار الردّ على الحدث الجديد. ماهو هذا الحدث؟ وكيف يتم اختياره؟ وماهي سبل وضمانات تحقيقه؟ كل هذه الأسئلة تجد لها أجوبة لدى مليون ونصف المليون من الفلسطينيين المحاصرين داخل قطاع غزة اضافة الى التعزيزات المصرية على الحدود معهم. ففي الوقت الذي ينتفض فيه العالم ولا يقعد لسقوط صاروخ فلسطيني في مزرعة اسرائيلية دون أن يصيب ولو نبتة شوكية يبقى العالم في حالة من «البهتة» وعدم الادراك أو هي نوع من الغيبوبة السلبية كلما قتلت آلة الاحتلال ألفا أو أكثر من المدنيين العزل ولا يسمع موقف واضح إلا في اتجاه التنديد بالاستفزازات الفلسطينية. وحتى وإن تمّت إدانة جيش الاحتلال تبقى الأمور تحت سيطرته دائما ولا تعود عليه جرائمه بأي ضرر وفي المقابل تبقى الضمانة الكبرى لنجاح الخطة الصهيونية أوسع قدر من التغطية الاعلامية لمن أصابهم الرعب داخل كيان الاحتلال اضافة الى أخذ الوقت اللازم لتسوية مسألة الاعتراف بالدولة الفلسطينية ودفنها مجدّدا اضافة الى طمر قضية التجسس في القاعات المغلقة. إذن، فالعدوان أصبح أقرب مما نتصور ومبرّراته موجودة كما أن الاستعدادات الصهيونية على حدود القطاع اكتملت بحشد الدبابات والجنود والطائرات، فهل يتوصل كيان الاحتلال هذه المرة أيضا الى طمر أزماته مع جثث شهداء غزة؟ أم أن العالم العربي استوعب الدروس السابقة؟ وهل سيختار قادتنا المواجهة؟ ربما!