لا يزال المشهد العراقي يفرز بين الحين والآخر أحداثا تبعث على التعجب والدهشة هو مشهد سيطرت عليه المآسي والجنائز منذ بداية الاحتلال حتى لحظة الانحلال، فأصبحت بلاد العراق العظيم تمارس فيه أقذر الأفعال وأمرها في الحلق. إن الصوت الذي لا يزال يرن فى أذني : «كافي ذل.. كافي مهانة...» هذه الجملة التي رددها صدام حسين قبل الغزو عندما كان يخاطب أمة الخضوع والاستسلام والهزيمة... وما هي إلا أيام حتى أصبح عراق صدام حسين أكبر خاضع لسلطة الذل والقهر والمهانة... إنه مشهد لم يكن متوقعا عند الحالمين من أمثالي. إلا أن الواقع يكذب كل شيء. فقد احتل العراق ودمر وذبح شعبه من الوريد إلى الوريد أمام أنظار العالم والشعوب الذليلة خاصة العربية التي كانت إلى حد ما تصدق الأكاذيب والأوهام وتحلم بالحرية المزيفة حتى أطل علينا المسمى أحمد الجلبي من على ظهر دبابة أمريكية يعد الشعب العراقي المقهور بالحرية والسلام والأمن وأعلى مشروعه الكبير : «اجتناب البعث وتأديب عناصر النظام السابق وتقديمهم للعدالة الحقيقية التي هي في الواقع عدالة الاستعمار والعملاء... كان الجلبي يطل علينا يوما بعد يوم من خلال «مجلس العقم» ليشنف أسماعنا بكلمات ممجوجة غاية في السخرية والانحطاط. كل ما كان في العراق غير شرعي والشرعية من وجهة نظره تبدأ مع الاحتلال... ثم بدأت الدوائر تدور على حاكم العراق المرتقب بدءا بمداهمة منزله ومكاتبه حتى رأينا العساكر تعبث بصوره وتلقي بها أرضا... ظهر رجل العراق الجديد للحظات في أجهزة الاعلام ثم اختفى كما اختفى الكثير من العملاء والخونة. الى أن أعلنت أجهزة الاعلام أخيرا أنه مطلوب للاعتقال أما التهمة الحقيقية هي تدمير البلد وقتل الشعب وتقديمه للمحتل... أما الرجل الثاني في «هذه العائلة الموقرة» فقد اقترن اسمه برئاسته لمحكمة ما يعرف «محاكمة صدام حسين ووزرائه»... فهذا الإسم سيرفع الحقيقية التي غطاها صدام حسين طيلة مرحلة حكمه فقد جاء هذا الحقوقي ليكشف «المستور» ويقدم الدلائل والبراهين التي تبعث بصدام ومن كان معه إلى «الجحيم»... تنقل بين الكويت وايران لجمع الأدلة والبراهين استعدادا للحظة الحسم الكبيرة غير أن القدر شاء أن يقع الحسم فيه قبل غيره فأصبح في مهب الاعتقال يواجه تهم القتل والفساد وما خفي كان أعظم لا يبدو المشهد مفاجئا إلى حد كبير، لأن ما بني على باطل فهو باطل والحقيقة لا يجب أن تحجبها الشمس لأنها تغيب... فلا شك أن الواقع العراقي يحتضن الكثير من المآسي والكوارث التي يخفيها الخونة والعملاء، اذ أننا نرى الحاكم الجديد المنصب من الاحتلال يحيط نفسه بعساكر بوش وهو يتوعد الشعب والمقاومة الشجاعة بالويل والثبور، في حين بدا لنا عاجزا عن فعل أي شيء ما عدا التهديد والوعيد والسؤال الكبير هو كيف سيواجه الشعب العراقي المدمر هذه الزلال الكبرى، لقد بدأت المقاومة الباسلة تكشف حقيقة الخونة والعملاء... فهذه «العائلة الجلبية» تتكشف حقيقتها المقنعة أمام أنظار العالم وما خفي كان أعظم... اذن فمن سيجتث البعث اليوم؟ ومن سيحاكم صدام حسين؟ يا لسخرية القدر : المنقذ صار مدلسا للأموال المزيفة كما زيف تاريخ العراق العظيم لقد انقلب الجلبي على نفسه اذ يرى أن عراق اليوم يفتقد لكل مقومات الشرعية. لأن كل شيء صنعه المحتل فقط أقول : انتظروا رسالة المقاومة القادمة «كل الخونة والعملاء الى الجحيم... كل الخونة والعملاء الى مزبلة التاريخ»...