توقع اقتصاديون قيام الصين بشراء جزء كبير من الديون الأوروبية، وقد عزز هذه التوقعات الزيارة التي يقوم بها نائب رئيس الوزراء الصيني، لي كيكيانغ إلى كل من اسبانيا، وألمانيا وبريطانيا في الفترة من 4 12 جانفي الجاري فيما يقوم وزير الخارجية الصيني يانغ جيه تشي حاليا بزيارة الولاياتالمتحدة التقى خلالها مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما ومستشاره للأمن القومي ووزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون للتمهيد لزيارة الرئيس الصيني هو جين تاو إلى واشنطن يوم 19 جانفي الجاري. وكانت الصين أعربت عن استعدادها لتوفير مساعدات مالية لدول منطقة الأورو ومن بينها أسبانيا واليونان والبرتغال لتجاوز أزمة الديون تجسيدا لحرصها على دعم العلاقات الاقتصادية مع الجانب الاوروبي وتجنب التأثيرات السلبية الناجمة عن تراجع معدلات النمو الاقتصادي بمنطقة الأورو. ويرى محللون وخبراء اقتصاديون أنه رغم الإنتقادات الأوروبية اللاذعة لتوجهات الصين السياسية والتحذيرات الدولية من التداعيات السلبية الناجمة عن المتاعب المالية بدول منطقة الأورو على الاقتصاد العالمي، فإن أزمة الديون الأوروبية وفرت فرصة مواتية لتعزيز التقارب الإقتصادي بين الصين ودول الاتحاد الأوروبي . دور محوري وأوضحت مؤسسات اقتصادية دولية ان استعداد الصين لمساعدة دول منطقة الأورو على تجاوز أزمة الديون يعكس تنامي مكانة تلك الدولة الأسيوية على الساحة الاقتصادية الدولية ورغبتها في لعب دور محوري في قيادة الاقتصاد العالمي . وأشار خبراء اقتصاديون الى أن الجدل الدائر حاليا بشأن التأثيرات السلبية المتوقعة للأزمة المالية الأمريكية على النمو الاقتصادي العالمي والدور الذي لعبته الصين في مواجهة التداعيات الناجمة عن الأزمة المالية العالمية يعدان بمثابة المؤشر على قدرة الصين على قيادة الاقتصاد العالمي بعيدا عن الإجراءات المنفردة التي تصر الولاياتالمتحدة على تبنيها لدعم نموها الاقتصادي ومواجهة معدلات البطالة بغض النظر عن تأثيراتها السلبية على شركائها التجاريين. وتواصل الصين النظر في تنويع مشترياتها من سندات الخزينة الأمريكية إلى شراء ديون سيادية الأمر الذي يجعلها تتوجه إلى الديون الأوروبية باعتبارها ديونا سيادية. وقد اتفق الإتحاد الأوروبي والصين التي لديها احتياطي ضخم من العملات الأجنبية يقدر بنحو 2.6 تريليون دولار، على انشاء آلية لتسريع مبيعات التكنولوجيا الأوروبية المتقدمة الى الصين التي تعهدت بدعم مساعي الدول الاوروبية الى مواجهة التداعيات الناجمة عن أزمتي الديون وتفاقم معدلات العجز في الميزانية. شراء ديون اليونان ويرى المحلل الاقتصادي ماركو بابيك من مركز ستراتفور أن الصين تستهدف تحقيق أربعة أمور في حال شرائها ديونا أوروبية وهي: تنويع استثماراتها المالية، والحصول على صفقات أصغر مع دول معينة، حيث سبق أن قالت بكين في العام الماضي إنها سوف تواصل شراء ديون يونانية وقامت الصين بالفعل بشراء بعض الأصول اليونانية التي تأمل أن تقودها إلى أوروبا الوسطى والشرقية، والهدف الثالث هو «الحمائية» حيث يأمل الصينيون أن يؤدي استعدادهم لشراء بعض الديون الأوروبية إلى مزيد من الاسترخاء لدى الأوروبيين تجاه الحمائية التجارية خاصة أن مفوض الاتحاد الأوروبي الإيطالي، أنطونيا تاجاني قال إنه يرغب في أن يضع الاتحاد الأوروبي أمرا مشابها لما تضعه اللجنة الأمريكية للاستثمارات الأجنبية لتكون مسؤولة عن مراجعة ما إذا كان ينبغي بيع موجودات أوروبية معينة إلى الأجانب وخاصة ما يقال عن أن مشتريات الصين لبضائع مختلفة في أوروبا ترتبط بشراء تكنولوجيا أوروبية بثمن أقل. ويذكر أن الصين أبدت استعدادها لزيادة استثماراتها بدول منطقة الأورو التي تعد أكبر مصدر لمنتجات التكنولوجيا الحديثة إليها. أما الهدف الرابع فإن الصين تريد أن ترفع أوروبا الحظر على تجارة السلاح مع الصين. وهو ما كانت دول أوروبية تريد أن يتحقق منذ زمن. وتعتبر فرنسا من أكثر الدول التي ستجني فوائد من مبيعات السلاح إلى الصين. ورحب مفوض الشؤون الاقتصادية والنقدية بالاتحاد الأوروبي أولى ريهن بالعرض الصيني المتعلق بدعم خطط انقاذ اقتصاديات دول منطقة الأورو، مشيرا إلى أن الأوضاع الإقتصادية بمنطقة الأورو تشهد تحسنا حاليا رغم حالة التذبذب التي تعاني منها الأسواق الأوروبية. كما قلص الجانب الأوروبي انتقاداته للسياسة المالية الصينية رغم رفض بكين للدعوات الغربية المتعلقة بزيادة قيمة عملتها الوطنية «اليوان».