هو واحد من الأسماء البارزة في المدونة المسرحية التونسية... ممثل ومخرج بصمته واضحة وجلية وحضوره فاعل ومؤثر في الدراما الإذاعية على وجه الخصوص... محمد السياري الذي يحمل على كاهله أكثر من ثلاثين سنة في الابداع المسرحي يتحدث في هذا اللقاء عن علاقته بالدراما التلفزيونية في تونس من خلال الكشف عن حقائق هذا بعض منها في الحوار التالي : محمد السياري في «الليل زاهي»... عودة إلى الركح المسرحي بعد غياب طويل؟ سعيد بهذه العودة التي جاءت تلبية لرغبة رفيق دربي في المسرح فرحات الجديد... وسعيد أيضا بكون هذا العمل جاء تحت إشراف فرقة بلدية تونس للتمثيل... واحدة من أعرق الفرق المسرحية في بلادنا... وسعيد ثالثا بأن «الليل زاهي» جمعتني بنخبة من رواد الابداع المسرحي في بلادنا ومكنتني من الالتقاء بالممثلة القديرة أنيسة لطفي العائدة هي الأخرى إلى الركح بعد سنوات طويلة من الغياب. كأني بك تنتظر هذه الدعوة؟ هي دعوة منتظرة لصديق عزيز سعدت بعودته هو الآخر إلى معانقة الركح... هل يمكن القول إن صفحة جديدة فتحت في علاقة محمد السياري بالركح المسرحي؟ قد يكون الأمر كذلك... لكن لا يعني هذا أنني بعيد عن التمثيل... فكما تعرف فأنا أنتمي إلى الفرقة التمثيلية للإذاعة الوطنية ممثلا ومخرجا، لذا لست في حالة بطالة فنية كما يتراءى للبعض... وهذه الأيام أشارك في الفيلم العالمي الكبير «العطش الأسود». ما هي طبيعة دورك في هذا الفيلم؟ أجسد أحد الأدوار الرئيسية الهامة... وهو ما يمثل إضافة وإثراء لرصيدي... حيث أقوم بدور مراقب لأسير صغير يشرف على تربيته حتى يكبر هذا الأخير... لتحدث المفاجأة... ألم تجد صعوبة في هذا الدور؟ بل قل إنني وجدت حسن القبول والثناء على الأداء... لم أجد صعوبة... ثم إنها ليست المرة الأولى التي أقدم فيها دورا هاما في فيلم أجنبي. هل من مثال على ذلك؟ لي عديد المشاركات في أفلام أوروبية منها فيلم إيطالي عنوانه (باب السماح) وهو من النوع القصير وقد جسدت فيه دور البطولة الرئيسي. هذا النجاح لماذا لم تستثمره في الدراما التلفزيونية بتونس؟ الأمر ليس بيدي... (بعد صمت)... سأكشف لك سرّا... ما هو هذا السرّ؟ سأحتفل هذا العام بمرور 16 سنة على ابتعادي عن الدراما التلفزيونية في تونس. هذا أمر يطرح أكثر من سؤال؟ نعم... منذ 16 سنة وها أنا على أبواب 17 سنة... لم أشارك فيها في أي عمل درامي. ما هو آخر عمل تونسي شاركت فيه؟ المتحدي للمنصف الكاتب... ثم كان الابتعاد. الأمر مفروض عليك؟ نعم... يبدو أن المخرجين لا يعرفون ممثلا اسمه محمد السياري. لكنك في فترة ما كنت حاضرا بشكل كبير في الدراما التلفزيونية؟ نعم... شاركت في غادة.. ماطوس... المتحدي وكان حضوري فاعلا ومؤثرا في هذه الأعمال ليتم بعد ذلك تجاهلي بشكل محيّر. ينتابك إحساس بأنك مستهدف؟ إلى حدّ ما... بل أكاد أجزم بأنني مستهدف لأنه لا توجد تفسيرات مقنعة حتى أكون خارج دائرة اهتمام مخرجي الدراما التلفزية على امتداد 16 سنة كاملة وأنا في طريقي إلى السنة 17. ألم تحاول معرفة السبب أو الأسباب وراء مثل هذا الأمر؟ قد يكون هناك من يزعجهم نجاحي... وهذا الأمر لا ينطبق علي وحدي. أريد توضيحا في هذا الأمر؟ المخرج علي منصور نجح بشكل متميز في مسلسل صيد الريم... فتم إبعاده في الوقت الذي يفترض فيه أن يمنحوه انجاز عمل درامي آخر... وهذا الأمر ينطبق على ابني قابيل الذي توج بجائزة أفضل ممثل صاعد في مهرجان القاهرة عن دوره في صيد الريم... والمنطق يفرض منحه فرصة أكبر لمزيد التألق لكن حدث العكس حيث تم تهميشه بعد ذلك. لمن تحمّل المسؤولية في هذا الذي أشرت إليه؟ المخرجون هم أصل المشكل... فالمحاباة و«الأخذ بالخاطر» عملة متداولة في اختيار شخصيات أي عمل درامي. لكن هناك أسماء واعدة ظهرت وأكدت جدارتها؟ لا أنفي ذلك... لكنها حالات نادرة يقف وراءها مخرج يتعامل بحرفية وجدية مع المسلسل... هناك مخرجون شبان يحملون أفكارا جد متطورة ساهمت في نجاح العمل الدرامي ومكنت من اكتشاف مواهب تمثيلية شابة وهناك مخرجون يعملون بعقلية «عندكشي عندي»... ومثل هذا الأمر أثّر سلبا على الدراما التلفزيونية مع بعض الاستثناءات النادرة. أنت بهذا الكلام تغلق أبواب الدراما التلفزيونية أمامك نهائيا؟ لست في عجلة من أمري... ولست في بطالة فنية... أنا مرتاح في عملي في مصلحة التمثيل بالإذاعة... لكن ما قلته لا يدخل في باب التجني بل هي حقائق لابد من التوقف عندها بصراحة ثم وهذا الأهم أنهم لم يقدروا على إبعادي نهائيا عن التلفزة. كيف ذلك؟ اغلقوا في وجه باب الدراما التلفزيونية فعدت لهم من بوابة الاشهار... وكما تلاحظ فحضوري فاعل في الاشهار التلفزي. هل تعتقد أن الدراما الاذاعية ما زالت تشد اهتمام المتلقي في عصر الصورة؟ الدراما الإذاعية لا زالت وستبقى رائدة في مجالها... بعد أن استجابت لأسباب التطور... حيث أصبحت الحلقة في أي عمل درامي لا تتجاوز ال15 دقيقة ومنذ أيام أنهينا تسجيل مسلسل إذاعي «داحس والغبراء» في ثلاثين حلقة ثم لا تنسى أن حضور الدراما في البرامج الإذاعية أصبح متنوعا وهو ما جعل المتلقي يقبل عليها بشغف كبير.