يمتلك الفنان احساسا وشعورا يميزه عن بقية أفراد المجتمع مما يجعله يستشعر ويستوحي اللحظات التي ستمر بالمجتمع من أحداث وأزمات وصعوبات بل ورقصات سياسية واجتماعية تجعل المجتمع يثور في وجه واقعه المتعفن الذي لم يكن مسؤولا عن تسييره بل كان ضحية لقرارات مسؤولين لا توجد لديهم غير مرجعية المصالح الشخصية الضيقة، وإن أفراد المجتمع مجرد وقود لخدمة أطماعهم وشهواتهم بمختلف أنواعها. لذلك ليس من الغريب أن يتزامن تاريخ افتتاح المعرض بعنوان«رحلة الروح» من يوم 16 ديسمبر 2010 الى غاية 30 جانفي 2011 مع تاريخ رحلة شرارة الثورة التونسية التي انطلقت يوم 17 ديسمبر 2010 من ولاية سيدي بوزيد بسبب الشعلة التي أوقدها المرحوم الشهيد محمد البوعزيزي التي ستظل نورا ينير درب الأجيال القادمة لمقاومة الطغيان والديكتاتورية ، فالفنان هو انسان صادق وواقعي في سيرته الذاتية. وان هذا العمل الفني الذي تجسد في شكل لوحات تتكون من أخشاب محترقة هو تعبير صادق عن الوضعية الحالية التي مرّ ويمر بها المجتمع التونسي في ثورته العظيمة وهو الجزء الأول من المعرض والذي جاء تحت عنوان«من الاحتراق». وتزداد الصدف تزامنا وانسجاما عندما يكون موقع المعرض بالمركز الثقافي لمدينة تونس«دار الحزب القديمة» وما يوحي ذلك من تساؤلات ، وفي الوقت ذاته نظرة اسشعارية الى المجتمع التونسي ومشاكله وصعوباته من طرف فنان صادق. أما الجزء الثاني الذي جاء تحت عنوان«حرية التعبير» ويتضمن لوحات تتكون من الحروف الأبجدية العربية فهو نتيجة طبيعية وثمرة لهذا الاحتراق الذي قام به الشعب التونسي الوفي لقيمه وعزته وشرفه، فالكلمة هي أساس التعبير وان الحروف هي آليات وآوان لفكر الحرية والانعتاق من الذل والهوان الذي سيطر على عقول أبناء هذا الوطن الأبي خلال الفترة المنقضية ، لذلك أتوجه بالدعوة الى زيارة المعرض بالمكان المذكور للاطلاع عن قرب. الفنانة التشكيلية آمال بن صالح الزعيم