بعد الاعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة تدخلت ظهر أمس قوات الأمن لتفريق المعتصمين بساحة الحكومة بالقصبة بالقوة...وكان المشاركون في الاعتصام قد انقسموا في وقت سابق بين قابل بالتعاطي الايجابي مع الحكومة الجديدة وبالتالي فك الاعتصام ،وبين رافض للتشكيلة الجديدة ولبقاء الغنوشي على رأسها وبالتالي التمادي في الاعتصام حتى تحقيق هذا الهدف. «سنواصل الاعتصام حتى يسقط النظام».. «يا مواطن يا ضحية ما تصدّقش المسرحية».. «اهطل اهطل يا مطر والغنوشي في خطر».. تلك هي مختلف الشعارات التي رفعتها صباح أمس أعداد غفيرة من المتظاهرين بساحة القصبة رافضين التشكيلة الجديدة للحكومة المؤقتة التي يرأسها «الغنوشي» معتبرين إياها مجرّد مسرحية سخيفة لسدّ أفواه المتظاهرين. «الشروق» انتقلت بين هؤلاء المتظاهرين ورصدت مواقف شباب تكبّد عناء السفر وتحمّل برد الشتاء غير عابئ بما تعرض إليه من ظلم واعتداء. بين الخيام احتجّ آلاف المتظاهرين وطالبوا بضرورة رحيل الوزير الأول محمد الغنوشي عن الحكومة معتبرينه رمزا للنظام البائد. بنبرة حادة وملامح غاضبة أكد السيد عبد السلام حيدوري (نقابي) أن الحكومة الجديدة لم تستجب لمطالب ثورة الشعب وإنما هي مجرد سعي الى الالتفاف على مطالب الثورة الشعبية المتمثلة في اسقاط الحكومة والقطع مع رموز الفساد معتبرا أن هذه الحكومة هي إعادة لتشكيل السياسات القديمة بصورة جديدة وبعناصر مغايرة. «مسكّنات» «آش قرّبك للشعب يا غنوشي»: عبارة ردّدها المتظاهرون في غضب شديد رافعين صور بعض الشهداء وعلى رأسهم محمد البوعزيزي الذي جعلوا من صورته قلادات في أعناقهم كرمز للانتصار. حاولنا التحاور مع بعضهم فأبدوا في البداية استياءهم من الاعلام التونسي الذي لم ينصفهم في بداية ثورتهم بعد أن وجهت تهمة «مخمور» للبوعزيزي رمز الثورة وحالة التعتيم الاعلامي التي شهدتها البلاد التونسية إثر ذلك.. ثم أفادنا أحدهم قائلا: «الحكومة التي نصبها الغنوشي هي عبارة عن مسكّنات للوباء الذي أصابنا منذ 23 سنة ولن نعالج منه ما دام الغنوشي موجودا» مضيفا أن الشعب التونسي مصرّ على مواصلة تطهير مسار النظام البائد الذي أوهم الشعب بالتغيير والحال أن تقلّد أعضائه للمناصب الجديدة كانت أغلبها عبر اتصالات فردية لا تعبر عن إرادة الشعب. «إرضاء الشعب وليس التجمع» من جهة أخرى اعتبر بعض المتظاهرين أن التشكيلة الجديدة ليست إلاّ محاولة أخيرة من الحكومة لتخرج بأقلّ الأضرار وطالبوا بضرورة التغيير الحقيقي الذي يرضي الشعب وليس التجمع لأن الثورة هي ثورة الشعب لا غير والغنوشي ليس إلاّ متواطئا مع الدكتاتور بن علي وهو الآن على حدّ قولهم يستفيد من دماء الشهداء مثله مثل بقية أشباه الأحزاب. الاعدام لبن علي كما رفع بعض الشبان صورة كاريكاتورية للرئيس المخلوع زين العابدين بن علي تضمنت جملة من التهم الموجهة إليه والمتمثلة في الخيانة العظمى وسرقة ونهب أموال الشعب والأمر بقتل الأبرياء العزّل والتآمر على أمن البلاد والتواطؤ مع أطراف صهيونية وأمريكية معتبرين أن التهم التي وجهت إليه والتي أعلن عنها وزير العدل استخفافا بدماء الشهداء ومساندة للرئيس الهارب وحاشيته واستهزاء بثورة الشعب وأعلنوا ضرورة اصدار حكم الاعدام في حق بن علي للألم الكبير الذي سبّبه للشعب التونسي.