أحمد الجزيري: لا إضراب عام في البنوك نهاية ديسمبر... والموظف البنكي أصبح تحت خط الفقر    نيويورك وشيكاغو في قلب عاصفة ثلجية وفوضى في المطارات    وزارة التربية تنشر روزنامة اختبارات الامتحانات الوطنية للسنة الدارسية 2025 /2026    المجلس الجهوي لهيئة الصيادلة بتونس ينظم الدورة 13 للايام الصيدلانية يومي 16 و17 جانفي 2026 بتونس    رئيس البرلمان يفتتح مهرجان زيت الزيتون بتبرسق    كشفها الحكم المؤبّد على قاتل طالبة جامعية في رواد ... صفحات فايسبوكية للتشغيل وراء استدراج الضحايا    استراحة الويكاند    الإتفاق خلال جلسة عمل مشتركة بين وزارتي السياحة والفلاحة على إحداث لجنة عمل مشتركة وقارة تتولى إقتراح أفكار ترويجية ومتابعة تنفيذها على مدار السنة    الليلة: أمطار أحيانا غزيرة بهذه المناطق والحرارة تتراجع إلى 3 درجات    عاجل: 30 ديسمبر آخر أجل لتسوية المطالب الخاصة بالسيارات أو الدراجات النارية (ن.ت)    رئيس مجلس نواب الشعب يشرف على اجتماع المكتب    صلاح يهدي مصر «المنقوصة» فوزا شاقا على جنوب إفريقيا وتأهلا مبكرا إلى ثمن نهائي كأس إفريقيا    فيليب موريس إنترناشونال تطلق جهاز IQOS ILUMA i في تونس دعماً للانتقال نحو مستقبل خالٍ من الدخان    وزارة الفلاحة تدعو البحّارة إلى عدم المجازفة والإبحار الى غاية إستقرار الأحوال الجويّة    نصيحة المحامي منير بن صالحة لكلّ تونسية تفكّر في الطلاق    صادم/ كهل يحتجز فتاتين ويغتصب احداهما..وهذه التفاصيل..    قرقنة تكشف مخزونها التراثي: الحرف الأصيلة تحول إلى مشاريع تنموية    أيام القنطاوي السينمائية: ندوة بعنوان "مالذي تستطيعه السينما العربية أمام العولمة؟"    توزر: تنشيط المدينة بكرنفالات احتفالية في افتتاح الدورة 46 من المهرجان الدولي للواحات    قائمة أضخم حفلات رأس السنة 2026    سعر غرام الذهب سيصل الى 500 دينار..!    السعودية.. الكشف عن اسم وصورة رجل الأمن الذي أنقذ معتمرا من الموت    موضة ألوان 2026 مناسبة لكل الفصول..اعرفي أبرز 5 تريندات    وزارة التربية تنظّم يوما مفتوحا احتفاء بالخط العربي    4 أعراض ما تتجاهلهمش! الي تتطلب استشارة طبية فورية    صادم : أم تركية ترمي رضيعتها من الطابق الرابع    هام/ الشركة التونسية للملاحة تنتدب..#خبر_عاجل    الكاف : عودة الروح إلى مهرجان صليحة للموسيقى التونسية    عملية طعن في اليابان..وهذه حصيلة المصابين..#خبر_عاجل    ممثلون وصناع المحتوى نجوم مسلسل الاسيدون    مقتل شخصين في عملية دهس وطعن شمالي إسرائيل    تونس والاردن تبحثان على مزيد تطوير التعاون الثنائي بما يخدم الأمن الغذائي    نجم المتلوي: لاعب الترجي الرياضي يعزز المجموعة .. والمعد البدني يتراجع عن قراره    بداية من شهر جانفي 2026.. اعتماد منظومة E-FOPPRODEX    القيروان: حجز كمية من المواد الغذائية الفاسدة بمحل لبيع الحليب ومشتقاته    محكمة الاستئناف : تأجيل النظر في قضية "انستالينغو" ليوم 09 جانفي القادم    عاجل: هذا ماقاله سامي الطرابلسي قبل ماتش تونس ونيجيريا بيوم    جندوبة: انطلاق اشغال المسلك السياحي الموصل الى الحصن الجنوي بطبرقة    عاجل/ انفجار داخل مسجد بهذه المنطقة..    بُشرى للجميع: رمزية 2026 في علم الأرقام    إهمال تنظيف هذا الجزء من الغسالة الأوتوماتيك قد يكلفك الكثير    كرة اليد: الترجي الرياضي يستأنف قرار قرار مكتب الرابطة    عاجل: المعهد الوطني للرصد الجوي يعلن إنذار برتقالي اليوم!    تونس: مواطنة أوروبية تختار الإسلام رسميًا!    أفضل دعاء يقال اخر يوم جمعة لسنة 2025    تونس : آخر أجل للعفو الجبائي على العقارات المبنية    نابل: حجز وإتلاف 11طنا و133 كغ من المنتجات الغذائية    عاجل : لاعب لريال مدريد يسافر إلى المغرب لدعم منتخب عربي في كأس الأمم الإفريقية    هام/ كأس أمم افريقيا: موعد مباراة تونس ونيجيريا..    البحث عن الذات والإيمان.. اللغة بوابة الحقيقة    كأس أمم إفريقيا "المغرب 2025": برنامج مقابلات اليوم من الجولة الثانية    مصر ضد جنوب إفريقيا اليوم: وقتاش و القنوات الناقلة    الرصد الجوّي يُحذّر من أمطار غزيرة بداية من مساء اليوم    استدرجها ثم اغتصبها وانهى حياتها/ جريمة مقتل طالبة برواد: القضاء يصدر حكمه..#خبر_عاجل    عاجل/ قتلى وجرحى في اطلاق نار بهذه المنطقة..    أبرز ما جاء لقاء سعيد برئيسي البرلمان ومجلس الجهات..#خبر_عاجل    روسيا تبدأ أولى التجارب للقاح مضادّ للسّرطان    ترامب يعلن شن ضربة عسكرية على "داعش" في نيجيريا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد بن علي ...نهاية كوميديا الخضوع
نشر في الشروق يوم 29 - 01 - 2011

كاتب واتصالي هو ابن الشهيد النقابي الصحبي فرحات الذي توفي في قلعة غار الملح في أكتوبر 1963 بعد المؤامرة العسكرية في ديسمبر 1962.
في خضم هذه الثورة التحريرية المباركة التي صنعتها انتفاضة الشباب الغالي وشهداؤها الأبرار شمالا وغربا وجنوبا انفتحت الأبصار والقلوب وتنادت الأصوات بصباح الديمقراطية التونسية بعد انتظار بارد دام عشرات السنين استشهد فيها المئات وحبس الآلاف بينما عانى أشقاء أعزاء مرارة المنفى والمهجر فعادوا اليوم مكرمين.
متى بدأت المعاناة الطويلة لشعبنا يا ترى?
أفي فجر الاستقلال سنتي 1955 و 56 عند احتدام الصراع المسلح بين البورقيبية واليوسفية أم عند قمع المجتمع المدني بأسره بعد اكتشاف مؤامرة 1962 وفرض سلطان الحزب الواحد وفرض النهج الإشتراكي الدستوري في الستينيات مع بن صالح أو في عشرية الليبرالية مع نويرة ومأساة جانفي 1978 وتصفية النقابات الشرعية على يد العقيد بن علي مدير الأمن الوطني آنذاك ومن بعدها مأساة جانفي 1980 عند الهجوم المسلح على قفصة ومن بعدها ثورة الخبز الدامية في جانفي 1984? كيف قبلنا وكيف رضخنا لحكم الخوف والإمتثال والخضوع أكثر من نصف قرن لنظام سوفياتي الأساليب فاشي الحزب بوليسي الرقابة حتى تحول التونسيون الى رعايا النظام بل وحراسه الأوفياء في الظاهر بينما يبدون اعجابهم بالمقاومين القلائل بعد توقيعهم على ملايين برقيات الولاء والتأييد في كل مناسبة ?
من ينسى تلك المواكب المتكررة المزعجة لتأليه المجاهد الأكبر أو صانع التحول? من غاب عنها? من لم يصفق فيها من عموم الشعب ومن أعلام النخبة العلمية والاقتصادية ومن لم ير أجهزة الإعلام تتبارى في كل ألوان التطبيل و التزمير وكأن تونس كلها أصبحت عكاظية 3 أوت بقصر المرمر مع ألمع شعراء الفصحى والملحون من كل المدن والقرى ومهرجانا متواصلا لأعياد التحول?
لنعد بالذاكرة الحية الى انقلاب بن علي خريف 1987 كانت الآمال التي علقها المثقفون التونسيون بين علماء وأدباء وفنانين على اختلاف ألوانهم على بن علي في السابع من نوفمبر 1987.
آمال في الحرية والتقدم والابداع وهندسة مستقبلية تواصل حلقات الحضارة من جمهورية قرطاج الى إمارة القيروان والمهدية وحتى صفحات تونس التحرير والاستقلال التي كتبها الحامي والشابي والحداد وحشاد لم تتخلف الا قلة من أعلام الجامعة والاتحادات والحومات الأدبية والفنية على تأكيد المنعرج التاريخي وآفاقه الرحبة. ألم تروا على الفايس بوك ان خانت الذاكرة سيل الشهادات المصورة على نسمة الحرية التي احتفى بها جل أقطاب المعارضة بكل أطيافها عندما جلسوا الى طاولة بن علي المنقذ الحكيم وشاركوا في حملته الرئاسية الأولى كمرشح وحيد سنة 1989 ثم انتخبوا نوابا في برلمانه الأول وقبلوا الحقائب الوزارية لسنوات نظرا الى حسن نواياه و نظرته الصائبة للحاضر والمستقبل دون التفطن لحملة القمع اليومي الشرسة التي استهدفت الحركة الأصولية ولا استنكار للإنتهاكات اليومية لحقوق المواطنين والمواطنات المتهمين بالانتماء لتلك الحركة من قريب أو من بعيد.
كنا آنذاك في المهجر منذ أكثر من عشر سنوات في وسط الإعلام والثقافة والتقينا عشرات الشهود على عودة بن علي لطبيعته وتصعيده لاستراتيجية الأمن التي تذكر العارفين بمناهج الدكتاتوريات في أمريكا اللاتينية والتي لن تتوقف عند الأصوليين بل ستمتد حتما الى كل منتقد ومعارض يمينا ويسارا.
لكنا لما عدنا الى البلد لم نجد أثر لأي نقد يذكر للممارسات المذكورة فالتحقنا دون وعي بالوفاق السائد للمساهمة في بناء الغد من مواقعنا النقابية.
كنا ضمن جيل كامل يعتقد أنه ضيع ثلث قرن مع بورقيبة ولا يمكنه أن يضيع باقي العمر حتى نهاية فقرة بن علي لأن نمو تونس لا ينتظر وكان ذلك عين الخطإ لأن الأيام شهدت مع مرور السنين أن أحلام 1987 قد تبخرت وأن الوفاق بين بن علي والنخبة التي صدقته قد تمزق وأن العلاقة الهرمية الشنيعة التي اتضحت عوضت القاعدة السابقة : من ليس ضدي فهو معي الى من ليس معي فهو ضدي.
وهكذا شاهدنا في موقعنا الثقافي تدجين وزارتنا مع سلسة وزراء مطيعين وتجنيد نخبها وموظفيها لصبهم جميعا الى جانب جهاز الإعلام في منظومة دعاية وتمجيد بائسة تتحرك في الأعياد الروتينية والانتخابات المزورة لتخدم «تونس الفرح الدائم» بينما يجند الحزب الحاكم المليوني ونصف مليون مناضل شبكة لجانه واتحاداته وشعبه الرجالية و النسائية والشبابية والحضرية والريفية والبرية والبحرية للهتاف والنشيد والمناشدة بدوام العهد وانتهاك الدستور والجمهورية من أجل ذاك المنقذ.
الأوحد الأحد
فكيف نعجب حينئذ من استيلاء أسراب الأسرة الجائعة على اقتصاد البلاد وتجارته. وتراث التاريخ وثقافة الشعب ودخولها في كل مشروع فيه مليارات تخطف من مهرجان قرطاج وقصر بوخريص بسيدي بوسعيد حتى مدينة الثقافة ودار الأوبرا التي استولت عليها وابتزت ميزانيتها لتجعل منها رمزا للبشاعة المعمارية والجهل بمتطلبات الهندسة المسرحية بتعاون وثيق بين وزارة الثقافة والتجهيز...
نعم لقد خفنا وطأة الجهاز الدكتاتوري المريع وقبلنا الرضوخ للإبتزاز والسكوت في حشر أسمائنا في قائمات تأييد متكررة تعد وتنشر دون رضانا وواصلنا العمل اليومي الدؤوب لنشر رسالة الآداب والفنون والثقافة الانسانية في كل مدينة من وطننا مع عشرات الرفاق من مؤرخين أجلاء وفنانين أصفياء وأدباء مجتهدين لم يملكوا مثلنا من الدنيا أي نصيب يذكر لكنهم لم يتنازلوا يوما على إيمان عميق بأن موعد الحرية سيأتي يوما ليمسح دموع الهوان ويعيد لهذا الشعب كرامته فيطيح بوثنية الفساد والجبروت دون رجعة.
حي على الأمل وحي على العمل من أجل اقتصاد متين ونمو مستديم وشغل كاف لشبابنا الناهض وتجارة زاهرة وبحث علمي متقدم وديبلوماسية ذكية فاعلة وثقافة حية في كل مدينة وقرية، حي على تونس ديمقراطية منيعة بدستورها الجديد بإدارتها الكفأة وبجيشها الوطني الشهم وبشعبها المتحضر اليقظ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.