وزير الخارجية الإيراني في زيارة عمل إلى تونس    وزير خارجية ايران يؤدي زيارة عمل الى تونس اليوم الاربعاء    عاجل/ حريق ثان بسفينة تابعة لأسطول الصمود..والحرس البحري يتدخل..    تونس تدين بشدة الاعتداء الغادر ضدّ دولة قطر الشّقيقة    وصفوه ب"هتلر عصرنا".. مؤيدون لفلسطين يقاطعون عشاء ترمب في واشنطن    طقس اليوم: الحرارة تتجاوز 40 درجة بالجنوب... وتقلبات جوية في الشمال والوسط    حزب الله العراقي يطلق سراح الباحثة الإسرائيلية الروسية إليزابيث تسوركوف    الجزائر تدعو لاجتماع مجلس الأمن بشأن الهجوم على قطر    أخبار الملعب التونسي: تربص مغلق ونسق «ماراطوني»    7 مشاركات مونديالية رغم الأوضاع الكارثية .. «المعجزة» التونسية    مباراة ودية: المنتخب التونسي الرديف ينهزم مجددا امام نظيره المصري 0-3    تعدّدت الروايات في حادثة سفينة الصمود ..لماذا يشكّ التونسي ويتعلّق بالإشاعة؟    أولا وأخيرا...برك الجمل بما حمل    مسرحية «رجوم» صيحة فزع طفولية لإنقاذ البيئة    نحو سيادة صحية رقمية: مشروع المخبر الوطني للجينوم البشري في تونس يدخل حيّز المتابعة    بطولة الرابطة المحترفة الاولى: نعيينات حكام مباريات الجولة الخامسة    زغوان: اتخاذ جملة من الإجراءات لإحكام التصرف في مادة المرجين لموسم جني وتحويل الزيتون لموسم 2025 2026    المسرحي التونسي معز العاشوري يتحصل على جائزة أفضل مخرج في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي    اليوم العالمي لمحو الأمية: ملتقى دولي لتبادل الخبرات في مجال تعليم الكبار والتعلم مدى الحياة    عاجل: الخطوط التونسية: اضطرابات جزئية منتظرة في الرحلات من وإلى فرنسا غدًا الأربعاء    عاجل/ أوّل بيان رسمي من "حماس" بعد الهجوم الإسرائيلي على الدوحة    عاجل/ مرصد سلامة المرور يكشف عن استعداداته للعودة المدرسية    وزيرة الاسرة تفتتح مركز اصطياف للاطفال بجرجيس ونادي اطفال بجربة    وزير الخارجية السعودي: حجم المبادلات التجارية بين تونس والسعودية تطوّر الى417 مليون دولار    تصفيات مونديال 2026: فوز ناميبيا على ساو تومي    طقس الليلة: سحب رعدية مع أمطار أحيانا غزيرة بالشمال    قبل يوم من مغادرته: محرز الغنّوشي يتوجّه لأسطول الصمود بهذا النداء.. #خبر_عاجل    عاجل/ قضية هنشير الشعّال: هذا ما تقرّر ضد وزير أسبق و8 متهمين آخرين    الزهروني: الإطاحة بمجرم محل 10 مناشير تفتيش    تونس تتجه لإحداث مراكز رعاية صحية مخصصة لكبار السن    عاجل/ قتيل في حادث اصطدام شاحنتين بهذه الطريق الوطنية    العودة المدرسية.. الأولوية القصوى للأمن تجنبا لسيناريو السنة الماضية وعلى الأولياء تحمّل مسؤولياتهم    المرصد التونسي للمياه يحذّر: البلاد مازالت تحت وطأة الشح المائي    عاجل/ اسرائيل تقصف قطر وتستهدف قيادات "حماس"    حالة عدم استقرار: أمطار، رياح وبرق... مناطق محددة فقط... وين؟    استعدادا لبطولة العالم للكرة الطائرة 2025 : المنتخب التونسي يفوز وديا على نظيره الكوري 3-1    رعاة سمّامة في مسرح الحمراء    "طعامك هويتك" شعار الدورة الثانية من تظاهرة الايام الثقافية الدولية "فن الطبخ"    بداية من الغد: عودة جولان خط المترو رقم 3    تقلّبات جويّة منتظرة.. والرصد الجوي يدعو إلى اليقظة    بالفيديو: شاهد كيف سيبدو كسوف الشمس الكلي في تونس سنة 2027    صدق أو لا تصدق...جهاز منزلي في دارك يعادل استهلاك فاتورة ضوء 65 ثلاجة؟    تونس في الواجهة: محمود عباس يكرّم كوثر بن هنية عن فيلم "صوت هند رجب"    ال '' Climatiseur'' تحت الاختبار! نصائح لضبطه مع سخانة ورطوبة طقس تونس اليوم    7 ساعات نوم يوميًا خير من 30 دقيقة رياضة... تعرف علاش!    تظاهرة علمية مفتوحة للجميع يوم 20 سبتمبر بمدينة العلوم بمناسبة اليوم العالمي لمرض الزهايمر    تصفيات مونديال-2026: الجزائر تتعادل بلا اهداف مع غينيا    وزارة التشغيل: التمديد في آجال قبول ملفات منظوري مؤسسة فداء للانتفاع ببرنامج تمويل الأنشطة الاقتصادية المحدثة لفائدتهم    بيكين تستضيف المنتدى الدولي حول دعم التعاون في مجال الانتقال الطاقي    مدرستنا بين آفة الدروس الخصوصية وضياع البوصلة الأخلاقية والمجتمعية...مقارنات دولية من أجل إصلاح جذري    سيدي بوزيد: بداية من سنة 2027 ستدخل الطريق السيارة تونس جلمة حيز الاستغلال    هام/ لا تفوتوا مباراة تونس وغينيا الاستوائية..البث التلفزي..    غار الملح تستعيد بريقها الثقافي بعودة اللقاءات الدولية للصورة    بشرى للمواطنين بخصوص التزود بهذه المواد..#خبر_عاجل    شهدت إقبالا جماهيريا كبيرا: اختتام فعاليات تظاهرة 'سينما الحنايا' بباردو    الخسوف الكلي يبدأ عند 18:35... إليك التفاصيل    ''الخسوف الدموي'' للقمر يعود بعد سنوات...شوف شنيا أصلو في مخيلة التونسي    خسوف كلي للقمر في معظم الدول العربية بداية من ليلة الأحد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محاورات في الثقافة: المسرحي فتحي العكاري ل«الشّروق» لطفا منكم... أتركوني أعيش زخم هذه الثورة التونسية
نشر في الشروق يوم 07 - 02 - 2011

فتحي العكاري ممثل ومخرج وكاتب مسرحي وأستاذ جامعي يراكم في مسيرته المسرحية ما يفوق الرّبع قرن من الإبداع والتكوين والكتابة والتنظير والأداء... وهو يمثل بالنسبة إلينا إحدى الوجوه البارزة في المشهد المسرحي على مستوى الإحتجاج والمطالبة بمسرح بديل. ولأن هذا الرجل قد تعرّض في مسيرته إلى نوع من التهميش والرّقابة خاصة كمخرج من طرف المؤسسّة الرّسمية فإننا نلتقي به في هذا الحوار السريع لنسائله عن جملة من التفاصيل الملحة, فكان هذا الحوار.
٭ حاوره: عبد الحليم المسعودي
٭ لا شك أن ما يحدث الآن في تونس من زخم الأحداث الناتجة عن ثورة 14 جانفي قد يفيض عن الإدراك بالمعنى المشهدي والفرجوي للكلمة, كيف ترون ذلك؟
ما يحدث الآن هو إحداث يفوت الإدراك, لتفسير هذا بعض المسبقات أوّلا إن ثورة تونس لا تخضع لأي نمط مرجعي ولا لأيّة آلية فكرية تمكننا من الإدراك. ثانيا: سلطة الإدراك قد تبدو بالية الآن, فلطفا منكم اتركوني أعيش زخمها, ثم سيأتي لا محالة التّحليل والقراءة والتفسير. ثالثا : إنّ البوعزيزي الذي تحوّل إلى أيقونة لم ينتحر بل إن المجتمع التونسي على الأقل قد ساهم في انتحاره. كما انتحر من تشبّه به وتعاطف معه ما عدا هذه المسبقات لي بعض الملاحظات الأخرى قبل التطرق إلى الإدراك بالمعنى المشهدي والفرجوي للكلمة.
الملاحظ أن ما حدث ويحدث في تونس وفي العالم العربي فاجأ الجميع خاصة النخبة «المستثقفة» ومحترفي السّياسة وهي في الآن أي هذه الأحداث تلزم الجميع بواجب التفكير في ذاتها في استقاليتها في بؤسها وفي تفاهتها التاريخية وتلزمها بتحمل مسؤولياتها المستقبلية.
في ما يخص الجانب الفرجوي والمشهدي علينا إعادة النظر في معنى ما أسسه أرسطووبريشت وكل التجليات والتمظهرات الفرعية لهذا وذاك أي أصل المسرح.
٭ إذن ما هو أصل المسرح ؟ على ضوء مهامه البديلة؟
أصل المسرح كما أصل الإبداع حاجة وضرورة للإنسان. إن تنافس الشعراء في عهد أرسطوأوجد فيهم ضرورة المشهد الفرجوي مع ضرورة المسموع والمنطوق. قنن أرسطوالمسرح للمحافظة على النظام بالتطهير والمحاكاة وبالقوانين الأخلاقية الصارمة في ذلك الوقت زمن ما بعد ديمقراطية بيريكلاس وبداية الأوتوقراطية الإمبراطورية زمن الاسكندر المقدوني, وجاء بريشت بعد أكثر من خمس وعشرين قرنا ليعوّضه بفكرة التغيير إلى عالم منشود. إن الدرس البريشتي وهوثورة جذرية على المبادئ الأرسطوطالسية في حاجة إلى تأمل واستلهام في الممارسة المسرحية المستقبلية دون تبني الموضة البريشتية المشوهة.
ثورة تونس هي أساسا ثورة تهديم تفتقد إلى مشروع بناء تغيب فيه مشروع مجتمعي مؤطر بحزب ما وقيادة ما, هو إذن مشروع تحرّر وانعتاق من نظام بدا بائدا وعلينا الآن بصفة قطعية الانكباب على مسرح تحريري يؤهلنا مستقبلا إلى مسرح حر. مع الإشارة أن هنالك تراكمات في المسرح التونسي المعاصر بفعل هذا التحرر في ظل الرقابة والتعطيل والتهميش.
٭ الآن وبعد حدوث هذه الثورة, يظل سؤال الإبداع معلقا من منطلق أن أهمّ ما أبدعه المسرحيون على الأقل في زمن الدكتاتور الهارب كان إما احتجاجا أو نقدا استعاريا أومحاولة في مراوغة الرقابة والتخلص من مخالبها. في هذا الجوالمفعم بالحرية ماهودور الإبداع المسرحي انطلاقا من ضرورة التباين مع ما سيق ؟
(يتنفس الصّعداء...). ملاحظات مبدئية أولا: أن هذه الثورة , مع أنها ثورة على نظام قاهر مستبد متسلط قامع وما إلى ذلك فهي ثورة على مفهوم الثورة كما علمناها إلى الآن , باعتبارها ثورة فريدة في سياقها التاريخي ومتفردة بلغتها الخاصة وأسلوبها وخطابها، إنها ثورة لا تشبه أي نموذج أومفهوم للثورات المتعارف عليها , وما يزيد في صعوبة تمثلها مفاهيميا.
ثانيا أن المسرح أوالفن بصفة عامة لم يوجد إلى الآن ولم يؤسس إلا من منطلق الألم. إن المعادلة المؤسسة إلى الآن أن الألم يروي ويترجم وأن الهناء يعاش. أما إجابتي عن سؤالك: الحرية مفهوم نظري ينشدها الفرد بوصفه مواطنا. بالنسبة إلينا كمسرحيين تبقى الحريّة هي المحرّك الأساسي, بمعنى أنها تمكننا من التّحرر من ذواتنا. بصفة عملية وعاجلة. علينا أن نمارس المسرح أوّلا كضرورة لا كعادة الآن , ثم علينا الانتباه والإنصات إلى حاجة المواطن - ونحن منه - أننا بطبيعتنا الإنسانية منجذبون إلى الرّوحاني وعلى اللغة المسرحية كنتيجة حسب رأيي الآن أن يتصالح من خلالها المسرح مع طقسية وروحانية الشفرة تجنبا لانجرافها إلى الديني وبالتالي استثمارها واستغلالها خارج رهانات المسرح الطقسي وفي اتجاه مسالك أخرى.
ثالثا: كم يسعدني أن الشباب الثائر الحاصل على شهائد جامعية وهوفي حالة بطالة وإلى جانبه اليد العاملة العاطلة حين تظاهروا في حالة من السّعادة والنشوة للمطالبة بحقوقهم بواسطة النكتة والفكاهة والفرح أي البعد النقدي اللاذع. على المسرحيين أن يتطبعوا بطبائع المرح والهزل والسخرية اللاذعة. القاتلة.
رابعا: إيقاعية الثورة تلزمنا بالتفكير في إيقاعية الكتابة الفرجوية المسرحية أي في موسيقيتها.
خامسا: فوجئنا «كمستثقفين» كم نحن رازحين تحت أثقال إبداع المنهزمين إلى الآن. نحن مدعوون الآن إلى إعادة التفكير في معنى معرفتنا ونجاعتها وفي الحد الأدنى من الإيمان أننا نعترف بدمقرطة المعرفة , وأننا ماضون لا محالة إلى ما نجهل, وأكاد أقول أن الإرتباك والهشاشة يؤسسان لمسرح الحداثة اليوم.
٭ هل يمكن أن نتحدث الآن عن عودة فورية للمسرح السياسي؟
إذا كان تعريفنا للمسرح السّياسي كما عرّفه وقنّنه إروين بيسكاتور, Erwin Piscator فإجابتي بالنفي. وإن كان تعريفنا بمعنى علاقة المسرح بالمواطنة فهذا أمر تقني جدا. إن مسرح الواقع قد قضي أمره, نحن الآن في نظرية السّديم أوالكاووس Théorie du Chaos نحن الآن في تعدد الطوباويات L'hétérotopie وبالتالي فإن المسرح الذي يجب أن يؤسس هوالمسرح الذي لا يمكننا إيجاده أوصناعته. إنه مسرح المستحيل الذي يتعدى ويتعالى عن القناعات والقيم الآنية ويصبوإلى معرفة جهله وإدراك حدوده ذلك أن مقولته كما قال آرتو Artaud: «دائما أبدا , أبدا دائما».
٭ ناديتم في الأيام الماضية بقوة بتنحي مدير المسرح الوطني التونسي، ما هومقترحكم البديل لمستقبل هذه المؤسسة؟
بكل لطف ناشدت مدير المسرح الوطني محمد إدريس بالتخلي والاستقالة من مهامه وفكره السّياسي وانتسابه للنظام القديم , كما ناشدته بإلحاح للتصالح مع ذاته كفنان, أما عن مؤسسة المسرح الوطني التونسي فعليها أن تمثل ما في هذا الوطن من مخيال وشاعرية مسرحية مختلفة لتكون وطنية للجميع. وأن تتحول هذه المؤسسة إلى مصلحة عمومية تخضع ميزانيتها إلى الشفافية والمحاسبة.
٭ ما هي مشاريع فتحي العكاري الآن؟
يشرفني أن استحضر أوّلا مقولة رولان بارط أن «المتعة واللذة هي دوام تحقيق الإشباع وأن الرّغبة هي دوام البحث عن الإشباع والإرتواء», كنت ولا أزال ضد المقاومة ومع النضال, الآن ومن غريب الصدف وبعد تأسيس المسرح العضوي عام 1982 بصدد تأسيس شركة «مسرح البديل» متكونة من شخصي ومن طلبة من خريجي المعهد العالي للفن المسرحي بتونس عسانا نكون في مستوى المسؤولية التاريخية التي أحببنا أم كرهنا مناطة بعهدتنا, وأوّل مشاريعنا مسرحية «وطن» من إخراج رياض حمدي تدور أحداثها حول الحوض المنجمي وجماليتها ما بين الواقع والفن . وثاني المشاريع الانكباب على إعداد عمل مسرحي بعنوان «شعبي... جدا» ومع هذا الاستنارة بجامعيين مختصين للتفكير فيما نعمل قصد النشر. وفي نهاية هذا الحوار أقول إنيّ كنت رجلا بلا وطن , وأصبحت الآن وطنا لرجال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.