قد أكون مجنونا وربما الجنون أصبح نعمة في هذا الوضع المجنون الذي أصبح فهمه مستعصيا حتى على الجن. قد أكون مجنونا إن قلت لا أطالب بإعادة تشكيل الحكومة. وقد أطلّق بالثلاث لجانها الثلاث ودعاة تطعيمها بوجوه أخرى من مخيلتي وحسباني. ولا أطالب لا بحل مجلس النواب ولا مجلس المستشارين ولا المجلس الدستوري ولا التجمع الدستوري الديمقراطي ولا بمحاسبة لا اتحاد الشغل ولا أحزاب المعارضة ولا بتقصي الحقائق في الفساد المالي والاداري والقضائي والسياسي والاجتماعي والأخلاقي والرياضي فتلك أمور أكبر من مخّي ولا يفقهها إلا «جوكارات» ركوب الكراسي السلطوية العربية الأصيلة في مراكض السلطان والرهانات على ال«آوت صايدر» (أي فشل خيول السباق) ففي السياسة العربية الأصيلة عادة ما يتحول الفارس الى حصان، وفيها تستوي عادة الدابة وراكبها في الهرولة في غياب الشكيمة إذن لا أطالب في الوقت الراهن المرهون، حتى لا تداس مصلحة الوطن والشعب تحت الحوافر المصفحة الراكضة الى حيث لا ندري بألاّ يتصدر في «بلاطوات» شاشاتنا التلفزية وبألاّ يركب أمواج أثير إذاعاتنا وصفحات جرائدنا الخاصة والوطنية، هذا الزخم من الزعامات المزعومة والمشبوهة وهذا الفيض الجارف من دابة الحرباء التي لا تستقر على لون، لا أطالب إلا بشيء بسيط جدا جدا جدا، ألا وهو ألاّ يعلو أي صوت في وسائل إعلامنا إلا لمن يحمل «شهادة حسن السيرة» ليست مسلمة من أي جهاز للدولة لم يدنسه الفساد وهنا تكمن العلّة يا عبد اللّه ولتونس ربّ يحميها ولتونس شعب يحميها من هذه الزعامات المزعومة.