... فزّاعة اسمها «الخوانجية»... جعلها الرئيس المخلوع العصا التي أرعبت الكثير منا... 23 عاما بأيامها ولياليها... وبأشهرها القمرية والشمسية ولعنة الارهاب الذي يهدد أمننا تسيطر على تفكيرنا... لتعود بنا الذاكرة الى أحداث باب سويقة... الى إمام جامع الكرم... الى «ماء الفرق» الى احداث سليمان... ومن خلالها نبرئ أنفسنا ممن يطلقون اللحى... سنوات من الوهم الكبير ومن فزّاعة الاشاعة التي كانت الحرب الخفية لنظل أوفياء ولو في قرارة أنفسنا للنظام البوليسي... العصا مقابل الارهاب فنخيّر ولو بالصمت العصا على الارهاب... فهل كنا فعلا طيلة هذه السنوات تحت سيطرة ما يطلق عليها «كيف تتحكم في شعبك من خلال الاشاعة» هل كنا فعلا ضحية تلك الفزّاعة التي تلهمنا بكوننا معرضون للخطر وأن أمننا تحت التهديد... وهل كنا بهذه الاستراتيجية الفعّالة قد وقعنا في نفس ذاك الفخ الذي اعتمده «أدولف هتلر» في تعبئة ألمانيا النازية لدخول الحرب العالمية الثانية... وبنفس ذلك الاسلوب نجحت الادارة الامريكية الحالية منذ أكثر من نصف قرن في شن حملة اعلامية ضخمة لاقناع شعبها بضرورة خوض الحرب على العراق مهما كان الثمن كما أشار الى ذلك أحد الصحفيين المصريين ساخرا من الأنظمة التي تعتمد فزّاعة الرعب والاشاعة لتركع شعبها وتلهيه عن مطالبه الحقيقية. ... الاشاعة... فزّاعة الرعب... التخوين الاجندات الخارجية... الارهاب... نراها اليوم بعين مفتوحة وأخرى مغمضة... هل كنا فعلا ضحيّة لها... ولماذا كل هذا الفزع... طيلة السنوات الاخيرة لحكم الرئيس المخلوع... عشنا على عنوان الارهاب الذي يهدّد الوطن... وحزب النهضة الممنوع ذكره... حتى من باب الدعابة... حتى أن كل من يتردد على جامع وينعت بانتمائه لهذه الحركة يصبح مذنبا في نظر القانون يستحق التتبع اللصيق ودخول السجن والتنكيل به. ولمَ لا التعرض لشتى أنواع التعذيب الذي قد لا احتمل ذكره بحسب شهادة الكثير من الاسلاميين. أسئلة محيرة جمعتها في مداخلة إبان الندوة الصحفية لحركة النهضة التي دخلتها وفي البال ألف سؤال وسؤال... مع حيرة بعض المارة برؤية تلك الفئة التي تحمل كلمة «النهضة». هي حيرة كل امرأة عادية وكل شاب وفتاة ورجل بعيد كل البعد عن الألاعيب السياسية... هل عشنا فعلا في اشاعة أقنعنا بها بن علي طيلة هذه المدة؟ ولماذا؟ وما الغاية؟ أجاب السيد راشد الغنوشي عن الحيرة وعن حقيقة الفزاعة التي لم نقتنع بها الا اليوم... لكن هل كان هذا بعد فوات الأوان؟ بعض الساسة والاعلاميين والبعض من الصحف وعدد من النواب بالأمس فقط كانوا يحملون الفزّاعة... في وجه المواطن يندّدون بالارهاب ويصادقون على أحكامه ويرفعون الايادي بالاجماع والقول دائما أن «الخوانجية» خطر تونس الأول والأخير وأن بن علي وحده حامي الوطن من هذا الارهاب... ارهاب النهضة، واليوم وهكذا بين ليلة وضحاها رأيناهم وشهدناهم كيف يركبون الامواج...والثورة... مهلّلين لدخول الحركة الى العمل الفعلي السياسي في النور وأمام العموم... هم يهلّلون ويطبلون لحزب النهضة وصاروا مدافعين عن مئات الاسلاميين الذين انتهكت اعراضهم داخل السجون، ومات بعضهم تحت التعذيب... فأين كانوا بالأمس حين مارسوا عليها اشاعة الارهاب... أين كانوا حين انتهكت الحرمات... ... بعض هؤلاء الساسة والمرتزقة يعتقدون أن ذاكرتنا مثقوبة... وأن بها شيئا من الزهايمر... ان لم تستحوا أيها الساسة فأفعلوا ما شئتم... قد انتهت المسرحية وصرتم أنتم بفضل ما نعرفه عنكم الفزاعة الحقيقة التي يجب ان نتصدى لها من الآن... لقد انتهت اللعبة «The game is ower».