بقلم: فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي «كل ثورة.. وإحنا دايما فرحانين».. «اللّه أكبر.. على كيد المعتدي».. «مصري.. قوم.. دي مصر بتنادي عليك».. كلّها كانت شعارات بمثابة وقود الثورة.. ثورة مصر التي اندلعت عشرة أيام بعد ثورة تونس.. وها هي تعلن أمس عن أولى خطواتها.. وأول إنجازاتها: الإطاحة بنظام حسني مبارك الذي جثم على صدور المصريين لمدة ثلاثين سنة.. ٭ ٭ ٭ غدا يحتفل الشعب التونسي وكل العرب وشرفاء العالم، بمرور شهر على ثورة 14 جانفي المجيدة، ويوم أمس، أي قبل الموعد المحتفى به بمرور الشهر الأول على ثورتنا، خطّ الشعب المصري العظيم أولى الجمل في سجل مصر العربية.. مصر الثائرة.. منذ يوم الخامس والعشرين من شهر جانفي، قرّر الشعب المصري أن يجسّد إرادته.. فلم تثنه خراطيم الماء الساخن، وهي تسكب عليه حقد نظام عميل.. نظام بوليسي كتم أنفاس المثقف.. والعامل.. والجامعي.. لثلاث عشريات، كان السادات قد تكفّل بعشريتين سابقتين لمجيئه.. ٭ ٭ ٭ «كل ثورة.. وإحنا دائما فرحانين».. هكذا قال أحمد فؤاد نجم.. وتغنّت بها عزّة بلبع والشيخ إمام.. لحظات عزّ انبثقت أمس.. فاختلطت المشاعر من مراكش إلى البحرين، عندما بدأ العدّ التنازلي للنظام الرسمي العربي.. النظام الذي جعل أمة العطاء.. والعلم.. مبعث حيرة في نفوس كل شعوب العالم.. بصدور عارية.. وبحناجر لا تكفّ عن رفع الشعارات المرسومة في العراء.. لا في مكاتب الأحزاب.. أو مكاتب المخابرات العالمية.. جمل قصيرة.. ومفيدة: الشعب يريد إسقاط النظام.. إرحل.. فكانت إرادة الشعب هي التي انتصرت، نعم، يحقّ للشابي أن ينام في سكينة الآن.. فقد طبّق الشعب الشرط وجواب الشرط.. طبق من تونس إلى مصر، صدر البيت وعجزه: إذا الشعب يوما أراد الحياة.. فلا بدّ لليل أن ينجلي.. ٭ ٭ ٭ «كل ثورة وإحنا دايما فرحانين» فقد كابد الشعب المصري، وهو يهبّ ثائرا.. وطاله العذاب أصنافا.. من تعذيب.. وضرب.. واقتحام.. على أيدي الميليشيات والبوليس.. كان شعب مصر يتماهى مع الشعب التونسي، من أجل وقفة العزّ والكرامة التي وقفها أمس.. نهاية كابوس.. انبلاج فجر جديد.. الجمعة السعيد.. كما كان في تونس.. جمعة الحرية.. الفرحة في مصر عارمة.. وانطلاق الثورة العربية قد بدأ.. وأعداء الأمة من الأنظمة والامبريالية والصهيونية.. بدأوا يرتعدون.. في الكيان الصهيوني.. حزن.. نتمنى أن يكون حقيقة وواقعا، يتحقّق على أيدي شعب مصر.. ارتعدوا ما استطعتم.. أيها الجلاّدون الجاثمون على صدورنا لعشرات السنين.. فنحن قد قرّرنا أن نعيد حبل الوصل مع «ابن خلدون» ومع «ابن رشيق» و«ابن رشد»... مع كلّ ثوار الأمة عبر الزمان.. ممّن امتشقوا سيف عليّ وصلاح الدين ذودا عن الأمة.. فرّقونا.. وجزؤونا، لكنهم لم يركّعونا.. نهض الشعب العربي من المغرب إلى المشرق.. حلقتان أمنتا في ما مضى عصر الأنوار العربية.. عصر الأنوار الإنسانية، بالأمس كان خط السير من مصر إلى تونس نحو الأندلس.. واليوم يعود خط السير من تونس إلى مصر.. نحو.. «تحقيق الحلم العربي»...