البحر والشواطئ الجميلة ليست الشرط الوحيد لإنجاز مهرجانات ناجحة ولا النزل الضخمة ولا رفاهية المكيفات! فللبدو مهرجاناتهم في أعماق الصحراء، فصائفة 2004 شهدت تنظيم الدورة الثانية لمهرجان الصابرية للتراث والتنمية من 26 الى 29 أوت ويراهن عليه أهالي قرية الصابرية الواقعة في محيط مدينة دوز لإنقاذ القرية من الاندثار بسبب زحف الرمال التي تحاصر القرية من الجهات الأربع مما دفع السكان الى الهجرة الجماعية الى القرى المحيطة مثل الفوار وزعفران ونويل وغيدمة ودوز. أبناء القرية قاموا بجهد تطوعي لإنجاز مهرجان نموذجي اذ جمعوا بإمكانياتهم الذاتية 30 ألف دينار واستضافوا النجمة هند صبري بنت القرية التي تمّ تكريمها في المهرجان بحضور السيد فوزي بن عرب والي قبلي وعائلتها وحضور هند في هذا المهرجان كان له وقع إيجابي على أهالي القرية وعلى الجمهور الذي حضر العروض من المناطق المجاورة وبلغ العدد حوالي 15 ألف متفرج والذين تابعوا إعداد أكبر «خبزة ملّة» الأكلة الرئيسية في الصحراء التي تطلب إعدادها 300 كلغ من الفرينة و200 لتر من الماء و50 عاملاو15 عربة حطب وجرار ذي رافعة و20 كلغ من السّمن الى جانب حليب النوق وقد تابع إعدادها بشغف الجمهور من التونسيين والسياح إذ أن هذا المهرجان في دورته الثانية ربط بين السياحة والفنون الشعبية والتنمية من خلال الندوة التي نظمها حول دور الواحات في الحماية من التصحر. وطالب المشاركون في الندوة بإحداث واحة شرق الصابرية وبئرعميقة لحماية القرية من التصحّر وتضمّن البرنامج سهرة للفنان الليبي عبد اللّه الأسود والفنان البدوي رضا عبد اللطيف الى جانب مسرحية «سيدي العربي» للمسرح الجريدي بتوزر الى جانب العروض الفرجوية ومسابقة الشعر الشعبي. إن هذا المهرجان يشكّل نموذجا خاصا من المهرجانات لأنه متلائم مع إطاره الطبيعي في أعماق الصحراء وفي درجة حرارة لا تقلّ عن 50 في الظلّ. وسيكون له مستقبل كبير في تنشيط السياحة الصحراوية التي تلقى إقبالا كبيرا في محيط مدينة دوز وضواحيها.. فهل تدرج وزارة السياحة والصناعات التقليدية.. هذا المهرجان في شبكة مهرجاناتها خاصة أن دعم مندوبية الثقافة بقبلي وحده لا يكفي!