كعادتها في التدخل في الشؤون الداخلية لعدة دول في الشرق والغرب تسعى الولاياتالمتحدة إلى الوفاء بتقاليدها في الكيل بمكيالين ففي إظهار نفاقها الديبلوماسي الذي لا تخجل منه، وتعمل الديبلوماسية الأمريكية على انتقاء الكلمات والأساليب المناسبة للتعامل مع كل قضية على حدة، ولعل النهجين المختلفين اللذين اتبعتهما في تعاطيها مع اضطرابات البحرين وإيران تؤكد ذلك. فقد بدا واضحا أن إدارة أوباما تنظر بإعجاب إلى خروج الإيرانيين إلى الشوارع بل إنها تكاد تشجعهم على «التعبير عن توقهم إلى المزيد من الحرية والتمثيل الحكومي» وهي التي تحاشت استخدام مثل هذه اللغة عند خروج أنصار المعارضة الإيرانية في مظاهرات حاشدة ومنددة بنظام أحمدي نجاد عقب الانتخابات الرئاسية الإيرانية في جوان 2009. واشنطن وجدت في المناخ الجديد الذي وفرته ثورتا تونس ومصر في الشارعين العربي والإسلامي وفي هذا التحرك العفوي من جانب العديد من الإيرانيين المطالبين بالإصلاح فرصة ذهبية للضغط على النظام الإيراني من الداخل، أملا في إضعافه أو ربما إسقاطه وهي بذلك ستوفر على نفسها عملا ديبلوماسيا كبيرا تقتضيه طبيعة مواجهتها مع النظام الإيراني الذي لم تجد معه حتى الآن صيغة للتعاطي مع برنامجه النووي. وفي المقابل بدت اللهجة الأمريكية تجاه البحرين مختلفة عن تلك التي أبدتها واشنطن تجاه إيران، حيث توجه الرئيس الأمريكي باراك أوباما في خطابه أمس الأول بالحديث إلى الحكومة دون المتظاهرين ودعا ملك البحرين إلى القيام بإصلاحات سياسية وتلبية المطالب الشعبية لكنه لم يشر إلى أي تعاطف مع حركة الشعب البحريني ومطالبه، ولعل ذلك يفهم بأن مصلحة الولاياتالمتحدة مع حلفائها تقتضي الوقوف إلى جانبهم ودعم حكوماتهم فالبحرين تحتضن الأسطول البحري الأمريكي الخامس، الذي يعتبر وجوده هناك حاسما في رسم سياسات أمريكا العسكرية في المنطقة. ورغم أن كلا من إيران والبحرين حجبتا خدمة الأنترنت وتعرض المتظاهرون فيهما إلى الضرب كانت ردة فعل واشنطن الحريصة دائما على الحقوق والحريات منسجمة مع ما تتطلبه مصالحها، وهذا ما لا يستقيم سياسيا وأخلاقيا.