لم تخرج الشركات الاستثمارية الفلاحية عن ظاهرة المطالبة بالرحيل التي أصبحت عبارة شائعة (ديقاج) لتحول هذه العبارة حياة أصحاب تلك الشركات الى كابوس ومعضلة. حيث وجدوا انفسهم بين مطرقة احتجاجات سكان المنطقة المنادين برحيل المستثمرين وتورطهم في قروض ورهنيات ومصاريف علاوة على حقهم في العمل والاستثمار كتونسيين. وبين مشروعية مطالب أبناء الجهة من خلال رغبتهم في استغلال الأرض، وبين الحقوق المادية للمستثمر من جهة وبين واقع القطاع الفلاحي المهدد بموجة الاحتجاج وتوقف الإنتاج، يقف المستثمر في مفترق المعضلة وسط الخشية من ضياع ممتلكاته وحقوقه المالية مستنجدا بتدخل الامن والجيش والسلط المعنية. المطالبة بالرحيل وجهت الى أصحاب الشركات الاستثمارية بجهة نصر الله والبالغ عددها نحو 7 شركات. مما وضع أصحابها في حيرة. وفي مقابل تخوفات المستثمرين من التهديد بتعرض شركاتهم الى الخطر، يتجند عشرات المواطنين لحماية هذه الشركات بشكل تطوعي يحرسونها ويمنعون الاعتداء عليها والأغرب من ذلك انهم يتبرعون لشراء العلف للماشية اثناء غياب أصحابها. مطالبة بالرحيل...لكن سمير النجار مستثمر تونسي أصيل ولاية القيروان وصاحب شركة فلاحية بجهة منزل المهيري بمعتمدية نصر الله بالجهة قال ان عددا من مواطني الجهة طالبوه بالرحيل وضايقوه كما زعم انهم هددوه بالعنف. وحول شركته الاستثمارية، ذكر انه اكترى من أملاك الدولة ما مساحته 300 هكتار من الاراضي الفلاحية منذ عام ونصف الى غاية سنة 2033 وذلك بمقابل 7 آلاف و600 دينار سنويا. وأكد ان قيمة استثماره في هذه الأرض بلغت 800 الف دينار بعضها حصل عليه في شكل قروض بنكية بضمان بعض ممتلاكته الخاصة مضيفا ان هذه الشركة عائلية وأنشأها بمعية افراد أسرته وطرف أجنبي. ووفق المستثمر فأنه قام بغراسة 15 الف عود زيتون وزراعة عشرات الهكتارات من الحبوب (42 هكتارا) وتربية الاغنام. ويشغل نحو 15 عاملا من أبناء الجهة بشكل دائم الى جانب عمال موسميين يصل عددهم الى 200 عامل موسمي. ورغم انه ابن الجهة الا ان عشرات المواطنين بالجهة الذين طالبوه بالرحيل و«ترك الجمل بما حمل» وذلك بحجة ان الأرض ملك أجدادهم وان لهم أحقية خدمتها والانتفاع بمواردها وفق ما رواه لنا معبرا عن خشيته من التهديدات. وفي هذا الصدد يقول المستثمر «لست ضد الثورة ولا ضد مساعدة أبناء الجهة، انا مواطن مثلهم واحترم مواقفهم» ويؤكد قوله «لو تتم تسوية وضعيتي وإرجاع المصاريف التي أنفقتها، عندها يمكن قبول مطالب اهل الجهة». وبين زاعم الضرر أنه اضطر الى إجلاء قطيع الغنم والجرارات والعلف. وأشار الى ان ابناء الجهة طالبوه بإخلاء الأرض ومنعوه من ري الحبوب، وفي مقابل ذلك فإن نداءات الاستغاثة التي وجهها الى السلط الجهوية والمحلية والجهات الأمنية لم تلق آذانا صاغية حسب تأكيده ولم يتدخل اي طرف لحل المشكل ودرء التهديد، الذي يرى انه عرضة له هو وأهله. مطالب وحقوق من جهة ثانية أشار المستثمر الى ان هذه المطالبات تسببت في عرقلة النشاط الفلاحي، وبين انه لو تتعرض كل شركة استثمارية الى مثل هذا التهديد فإن المصالح الاقتصادية والانتاج ستتوقف. وطالب الجهات المعنية بالتدخل لحمايته. من جهة ثانية تعد مطالب ابناء جهة نصر الله بمقاسم فلاحية على انقاض الشركات الاستثمارية وخصوصا الاجنبية، من المطالب القديمة. حيث طالب عمال بالشركات وفلاحون بالجهة قبل انطلاق الاحداث الاجتماعية التي اثمرت ثورة شعبية، ان يتم حل الشركات واعادة تقسيمها الى مقاسم فنية ينتفع بها ابناء الجهة فيستثمرونها ويشتغلون في فلاحتها عوض بطالتهم وعوض الاشتغال لدى المستثمرين حسب موقفهم. ولعل ما يؤكد حرص ابناء الجهة على العمل الفلاحي هو تجندهم اثناء المظاهرات الى اللصوص وحراستهم للشركات وما فيها من معدات وماشية. وبين الشاب ناظم ان ابناء المنطقة هم من حرس الشركات واعاد ما نهبه اللصوص كما اكد انهم تطوعوا لاقتناء علف الماشية التي كادت تهلك من الجوع. غير ان مطلب المقاسم الفنية يعتبر بالنسبة الى شبان الجهة من المطالب المشروعة وفق تأكيدهم. علما أن مبلغ كراء الأرض (15 دينارا للهكتار) يغري ابناء الجهة بالتعاقد مع املاك الدولة وقد طالبوا منذ سنوات بالحصول على مقاسم فنية على وجه الكراء وقدموا مطالب للغرض فتم تجاهل مطالبهم لحساب شركات ذات رأسمال ارفع. ولا تزال هذه الشركات في مفترق طرق بين مواصلة الموسم الفلاحي بكل أريحية لاسترجاع المصاريف وبين حق أبناء الجهة في استغلالها وبين حقوقهم المادية وأموالهم التي استثمروها وقروضهم وعلاقاتهم مع شركائهم الأجانب...وهذا يحتاج الى هيئة لدراسة الموضوع...وعودة الأمن والهدوء.