هل ما شاهدناه حقيقة ام خيال؟ وهل ان من عرفناه وهرب بإجرامه رئيس دولة ام زعيم عصابة منظمة؟ هل تلك الاموال، اموال شعب ام شعوب وماذا تفعل هناك والحال ان ملايين التونسيين يحتارون في القوت والعلاج والسكن والشغل. كيف كان ينام قارون العصر وزبانيته وهم يتوسدون عرق الشعب. ان العقل يهرب به الفهم كما هرب قارون المخلوع ولصوصه. ويعجز عن إحصاء تلك الأوراق قيمة وورقا. وان القلب ينفطر أسفا وحزنا ليس فقط لمشهد رفوف الأموال المنهوبة من أقوات الشعب وعرق الكادحين، بل للحرمان والتفقير الذي كانت تعيشه اغلب الاسر التونسية. أموال تخبأ في القصور وفقراء محرومون يعيشون في ظلام. عائلات معوزة وشبان عاطلون وفي المقابل أموال طائلة تكدس مثل خزائن قارون، تحفظ في الرفوف كأيقونات ومعارض للعملات التونسية والاجنبية، بل انه حول البنك المركزي التونسي الى منزله المخصص للنقاهة ليكون خير أمين على أموال الشعب المنهوبة وخير محافظ على الامانة وحارسا على مغارة علي بابا وال40 حرامي... أخيرا انكشفت مغارات علي بابا ومخازن اللصوص تهاوت رؤوس العصابة «الطرابلسية-البنعلية» أمام مقصلة الشعب الذي كشف سرقاتها وجرائمها وفضح ألاعيبها القذرة. أرقام ضخمة عن ثروة هذا الشعب التي نهبتها تلك العصابة. عشرات ثم مئات المليارات وعشرات ثم مئات الدور والضيعات والقصور والبنوك والسيارات وحتى الآثار والحيوانات. ما تم تداوله من أرقام عن الاموال التي سرقتها عصابة الرئيس المخلوع وزمرته والتي كانت تغرق في بذخ فرعوني وترفل في الحرير والذهب، تؤكد ان الشعب التونسي العظيم الكادح المكافح كان يكد ويجتهد من اجل اعلاء راية تونس عاليا لكن العصابة تأتي على حصاده كتنين وتلتهم عرقه. وكيف يجوع الشعب ويعرى وتلك العصابة تتضاخم أجسامها كالبغال وتتعاظم. وكيف يعيش الشعب مفقرا وتلك العصابة مترفهة تنفق عرق الكادحين المحرومين في المتعة واللذة المحرمة وتخزن الاموال وتمنعها عن المحرومين. ألم يكن رئيسا لهذا الشعب. الم يكن يرى المه وانينه وجوعه وعريه وفقره المدقع وعطشه البالغ. أسر بلا ماء وبلا كهرباء ولا نور امل ولا كرامة حياة. عائلات معوزة وأخرى محرومة أو معدمة. مرضى ومعوقون ومقعدون وشبان معطلون. وعائلات مفقرة ومناطق ظل لم تشرق عليها شمس بنك التضامن والتحيل. بطالة وفقر وتهميش وامتهان من بنزرت الى بنقردان ومشاريع منعدمة ووعود لا تنجز وانجازات ورقية. وأسعار تتضاعف وقفة تجعل المستهلك يتهالك لا تسعفها مزية الزيادة الضعيفة في الأجور..بينما اموال الكادحين تخزن في القصور. صور متناقضة حد القتامة، ومفارقات عجيبة. فالشاب (الماطري) الذي لم يتجاوز الثلاثين يزهو بالملايين، وشيخ الثمانين يرقب تحت برد الشتاء في ظلام الكوخ تحت قطرات الأنواء، رغيف خبز من الصباح الى المساء ثم يمضي. طفل السادسة تهدى اليه القصور والسيارات وأرصدة بالمليارات من مال الشعب العام والبوعزيزي الذي جاوز خط الفقر وجدار البطالة يطرد من رحم الحياة ويمنع من الطريق العام. ومن لقمة متعرقة. قصور ودور بمليارات الدينارات وبكل العملات. ومصانع وشركات وسيارات فارهة وأرصدة في البنوك يحتكرها بضع عشرات والملايين حائرة بين أرملة ثكلى تبحث عن رغيف ويتيم شرده السجن المخيف وشاب يروم بعث مشروع فلا يملك الشروع ولا يجد التمويل ولا الصوت المسموع. ماذا لو يسرق الشعب في قوته وعرقه. ماذا لو وظفت ثروته ووزعت بشكل عادل أليست كانت قادرة على تحقيق التنمية العادلة والرفاه الاجتماعي من تشغيل وقدرة شرائية ونمو اقتصادي. كانت جودة الحياة ستتحول الى حقيقة وواقعا وليس مغالطة. ثورة الشباب كشفت ثروة الشعب المنهوبة وأصبح الشعب من حقه ان يطلب التنمية والتشغيل والقفة المعتدلة والحياة الكريمة...ومحاكمة العصابة التي سرقت عرق الناس وحلمهم...والدعاء ان تخسف بهم الارض وتضيق بما رحبت. ما خفي كان أعظم....وسوف يحاسبون!