ممدد على فراش المرض بمستشفى الأغالبة بالقيروان بجسد يحمل عدّة كسور تلقاها اثر سقوطه من علوّ شاهق. مضت على حاله هذا ستة أشهر بالتمام حتى أضحى أقدم نزيل بالمستشفى. بالكاد يحرك سواكنه وهو مقيد بآلات طبية تطوع أهل البر لتوفيرها له. عمليات جراحية أجريت وأخرى تنتظر تدخلات عاجلة...هذا جوهر مطلبه ومطلب أسرته الفقيرة التي أعدمت الحيلة في توفير الأدوية ومبالغ الإقامة الضخمة التي تطلبها المستشفى. هذا حال السيد رجب بن عمر الجامعي أصيل مدينة القيروان (العقد الخامس) اثر سقوطه من صومعة جامع (بالقيروان) قبل 6أشهر أثناء عمله كتقني في ربط شبكة الكهرباء. وقد أدى سقوطه من العلو الشاهق (16 مترا) الى إصابته بعدّة كسور على مستوى حوضه وعموده الفقري. ورغم نجاته من موت محقق وخضوعه لعمليات جراحية متكررة ونجاح الإطار الطبي في جبر بعض الكسور الا انه لم يتمكن من الوقوف على قدميه من جديد من اجل إعالة أسرته وافرة العدد. سقوط...و«سقوط» بدني رغم حالته الصحية الصعبة فانه بدا مبتسما قانعا بما أصابه. ربما سبب الإصابة يعطيه شرفا وفخرا وهو يروي تفاصيلها وتفاصيل سقوطه من أعلى صومعة الجامع أثناء عمله الذي قال انه كان بشكل تطوعي في سبيل هذا المكان المقدس. وذكر المتضرر أنه سقط من الأعلى ليجد نفسه في غرفة الإنعاش بمستشفى الأغالبة بالقيروان أين قضى شهرا كاملا في نصف غيبوبة. قبل إحالته الى قسم جراحة العظام بمستشفى الأغالبة بالقيروان. وشكر السيد رجب فضل الإطار الطبي والممرضين بالمستشفى الذين أولوه عناية مخصوصة بعثت فيه الحياة بعد معاناة المرض. كما أشاد بدور كثيرين ساعدوه في المحنة بمنحه تعاونهم والتكفل بمصاريف العلاج التي لم تقدر عائلته المعوزة على توفيرها بنفسها، فوجدت في أهل البر و«أولاد الحلال» كما وصفهم السند واليد الكريمة. ومكنوه من اقتناء آلات طبية ساهمت في نجاح العمليات الجراحية والتي قدرت ب4 آلاف دينار. تواصلت إقامته بالمستشفى 6أشهر قضاها على فراش واحد وأمل وحيد وهو الوقوف على ساقيه من جديد. لم يفقده المرض حس الدعابة التي تميز به ورغم آلامه الكبيرة الصحية والاجتماعية فان أمله على ما يبدو كبير. «لم أغادر الفراش منذ دخولي المستشفى الا عند إجراء الصور والعمليات» وعندما سألناه ان كان شاهد أشعة الشمس أجاب متندرا «لم أر سوى أشعة آلة التصوير». أمل واحد ومصاريف كثيرة لا يجد رجب من يواسيه ولا من يحمل اليه الهدايا. أنيسه في المستشفى المذياع الذي يحمل إليه أخبار ثورة الكرامة، او زيارات متناثرة لأفراد عائلته يحملون في أيديهم هدايا متواضعة ودعوات بالشفاء العاجل. أربعة أبناء في كفالة الرجل المريض المهدد بالقعود. ينتظرون نفقات لا تأتي إلا في شكل هبات من الأقارب ومساعدات لا تقدر على تغطية المصاريف ونفقات الدراسة والعلاج ناهيك عن لقمة العيش. «أتمنى الخروج من المستشفى على قدمي وان أستأنف حياتي»، يؤكد رجب رغم يقينه من عدم قدرته على العودة الى العمل فان ما يتمناه في الوقت الحالي هو الخروج من المستشفى والعودة الى أبنائه في اقرب وقت. غير ان هذه الأمنية تعترضها معوقات مادية بالأساس. وأول هذه الأمور هي حاجة المتضرر الى عمليات جراحية إضافية. والاهم ان هذه العمليات تتطلب تركيب أجهزة طبية لتمكنه من الوقوف على قدميه. واكد ان هذه الآلات مكلفة وثمنها باهظ؟ وذكر ان ثمنها يناهز ال12 ألف دينار. أكد عجزه التام عن دفعها. عجز عن دفع معلوم المستشفى العائق الآخر الذي يؤرق حياة رجب الى جانب خشيته من الإعاقة المزمنة هو المبلغ المطالب بدفعه للمستشفى وهو 5 آلاف دينار معلوم الإقامة بالمستشفى. وهذه المبالغ يؤكد عجزه المطلق عن دفعها. مضيفا أنه يأمل من وزارة الصحة التدخل لإعفائه من دفع معلوم الإقامة. وبين أنه يفتقر الى تغطية اجتماعية والى دفتر علاج ولا يتبع أية منظومة علاجية. رغم تعدد الأماني والصعوبات فان امل السيد رجب الجامعي وحيد هو أن يجد التفاتة من أولي الأمر لمساعدته على نفقات العلاج ومتطلبات أسرته. اما العودة الى العمل فهو أمر مستبعد بسبب حالته الصحية التي وان تدرجت للشفاء فإنها لن تسمح له الا بمحاولات الوقوف لتظل خطواته في الحياة مرهونة بمساعدات من حوله. وأكد انه ينتظر متى يغادر المستشفى ليلتحق بأسرته، لكن هذا المطلب يحتاج الى شجاعة من قبله وتدخلا من الجميع.