يمكن الاقرار منذ الآن أن الحملة الانتخابية الخاصة بانتخابات المجلس التأسيسي قد انطلقت فعلا على مستوى الكثير من الأوساط. وستكون انتخابات جويلية القادم بمثابة ال«بروفة» الحقيقية للانتخابات العامة التي ستتم وستجري بعد اقرار الدستور الجديد وانتهاء مهمة المجلس الدستوري. فانتخابات المجلس التأسيسي ستمكن بواقعية من رصد خطوط وتوجهات «الخارطة السياسية الجديدة» في تونس وهي خارطة ستكون مختلفة تماما عن الواقع السياسي الذي نعرفه الآن. لكن تلك ال«بروفة» انتخابات المجلس التأسيسي ستمكن حتما من بناء تقاليد جديدة انتخابية في تونس، ذلك أنه لأول مرة منذ استقلال تونس ستعرف مراكز الاقتراع طوابير طويلة من الناخبين عكس ما كنا نراه سابقا وعلى امتداد عقود من عزوف عن المشاركة في الانتخابات التي تنظم. لكن قبل الحديث عن انتخابات المجلس التأسيسي من حيث اجراءاتها وشكلها لا بدّ هنا من الوقوف على العديد من المعطيات التي وردت على لسان البعض من السياسيين والمتتبعين للشأن العام وهي أن موعد جويلية قد لا يكون كافيا بالنسبة للأحزاب السياسية وباقي التنظيمات للاعداد لانتخابات المجلس التأسيسي. فالأمر يحتاج الى الكثير من التنظيم والاستعداد داخل تلك الأحزاب ليس فقط على مستوى المترشحين بل الأهم على مستوى المراقبين حيث يحتاج الأمر إلى أعداد كبيرة منهم بالنسبة إلى كل حزب اضافة الى غياب مراقبين من أنصار المترشحين لهم الخبرة اللازمة في هذا الميدان. إن هذا المعطى يجعلنا نتأكد أن الأحزاب الجدية لا بدّ لها من الانطلاق في العمل منذ الآن وانتخابات المجلس التأسيسي ستكون المحرار الحقيقي لوجودها ولقدرتها على الاستقطاب وعلى الاقناع بتوجهاتها في مجال الاصلاحات الدستورية. شروط وإذا كانت الانتخابات في تونس وعلى امتداد كل العقود السابقة تعتمد أساسا على نظام القائمات الانتخابية فإن الكثير من الأصوات تؤكد الآن وتقرّ بضرورة الاتجاه أيضا نحو تمكين الأفراد من الترشح في الدوائر الانتخابية بصفة فردية وخارج القائمات واحتساب أصواتها على مستوى الدائرة الانتخابية فقط وليس على المستوى الوطني وهو ما سيمكن الأفراد المستقلين من القطع مع الحيف الانتخابي الذي كرسه النظام الانتخابي الحالي. ولا تستبعد المصادر إذا تمّ اقرار نظام انتخابي يتيح للمستقلين الدخول الى المجلس أن يؤثر ذلك تأثيرا ملحوظا على مرشحي الأحزاب إذ لا يخفى على أحد أن المستقلين كان لهم دوما حضور بارز في الساحة الانتخابية والسياسية بفضل ما يتمتعون به من مصداقية مقارنة بالأحزاب السياسية. تحالفات ولا يستبعد أمام الوضع الهش للكثير من الأحزاب والتنظيمات السياسية الموجودة الآن امكانية التوصل الى تحالفات بين العديد من الأحزاب على مستوى المترشحين وأيضا على مستوى المراقبين. «بروفة» وفي انتظار أن نرى الأشياء بوضوح أكثر خلال المدة القادمة نعود ونؤكد على أهمية انتخابات المجلس التأسيسي ك«بروفة» حقيقية لكل الأحزاب والتنظيمات السياسية.