وسط كوخ متداع للسقوط يقبع السيد الهاشمي بن عبد الله صحبة عائلته المصغّرة لا أنيس لهم سوى نقيق الضفادع وخشخشة تحركات الجرذان والغريب ان المنزل يقبع في مدينة اريانة عفوا مدينة الورد فصاحبه ناشد ولايزال وسيظل ولو لفتة كريمة حتى تنتهي مأساته التي لازمته منذ 37 سنة.. الولوج الأسرع الى منزل السيد الهاشمي بن عبد الله هو المرور عبر القبور حيث مقبرة سيدي حمد الجبالي. مشهد يوحي بالقتامة ومع كل خطوة تتجلى مظاهر البؤس وفي أحد أركان نهج علي نويرة شيّد كوخ كدليل على الفقر وغياب ما كان يسمى في النظام السابق «المد التضامني» لتطرح اسئلة كثيرة اين السلط المعنية من الشعارات الرنانة حينها كانت اجابات صاحب الكوخ انه لم يجد آذانا صاغية ليتلقى في المقابل الوعود الوهمية التي ملّها.. كوخ السيد الهاشمي يتكون من مطبخ وغرفة يتقاسمها وزوجته وابناه أحدهما متحصل على الاجازة في الحقوق والابنة تدرس بالجامعة.. أدباش متناثرة هنا وهناك والسقف القصديري تآكل من الصدإ لا يقي أصحاب المنزل من حرّ الشمس او قطرات الأمطار ان لم نقل السيول... أثناء المشي على الإسفلت قد لا تجد فرقا بين المنظر الطبيعي او ما بداخل الكوخ فقد يلزم الأمر أن تتحاشى الوقوع وسط برك المياه.. بزفرة عميقة يتحدث الينا صاحب الكوخ انه التجأ الى جل وسائل الاعلام والى كل من يهمه الأمر لكن ما من مجيب لتظل دار لقمان على حالها ويتجرّع هو مرارة الفقر بل الفاقة والحرمان في ظل غياب أبسط الضروريات.. في مدينة الورد... اي مدينة أريانة لكن ومن المفارقات ان منزله يتوسط الأزهار الطبيعية والحشائش الطفيلية التي أصبحت مقرها دائما لمبعث من قطع موسيقية لنقيق الضفادع الذي يؤرق كل مار فما بال صاحب الكوخ او أفراد عائلته الذين اعتادوا على الحرمان بالاضافة الى تحركات الجرذان التي ترتع في كل مكان وتستولي على بعض الأطعمة ان وجدت فعلا..