لعلنا اليوم وبعد ثورة 14 جانفي نكاد نجزم أن أيادي الفاسدين والطغاة قد طالت جميع الادارات والمؤسسات التونسية الحكومية منها والخاصة سواء من خلال استيلاء على أموال عمومية أو من تدليس وتزوير لوثائق رسمية لتنقلب الموازين لصالح هؤلاء... ولكن ما نأسف له فعلا هو أن تتواصل مثل هذه «الخزعبلات» بعد ثورة الكرامة وما دعت إليه من تطهير كلي وشامل لكافة القطاعات من رواسب الفساد التي تجذرت منذ زمن بعيد وحرصت على ألا تستقيل... ولعل ما كشفت لنا عنه اليوم السيدة زكية بن جدي العنابي التي تعرضت الى مظلمة كبيرة شبهتها ب«الرصاصة الحية» خير دليل على ما كان يحصل داخل اداراتنا وهي التي طولبت بالرحيل من منزلها بعد 36 سنة من العيش داخله بدعوى أنه على ملك غيرها. مظلمتي نار أضرمت قبل الثورة وتأجحت بعدها» تلك هي زولى العبارات التي استهلت بها السيدة زكية بن جدي العنابي حديثها معنا فقالت ان زوجها (المرحوم) كان يتصرف في قطعة أرض بيضاء تمسح قرابة 2148م.م كائنة بشارع الحبيب بورقيبة برادس وذلك منذ سنة 1963 وخلال سنة 1971 تحصل على رخصة وشهادة في التمتع بالقطعة المشار اليها من بلدية المكان شرط الحفاظ عليها وبنائها ريثما تثبت البلدية ملكيتها عليها واحالتها له، وبعد عملية احصاء للعقارات المماثلة لهذا العقار ثبت أنه على ملك أجانب فقامت البلدية باحداث ملف قصد تسويته وفي الأثناء مكنت زوجها (زكية) من رخصة بناء. فقام هذا الأخير ببناء منزله وذلك سنة 1971. وفي سنة 1995 قام ببناء سياج على كامل القطعة التي منحت له الى جانب بنائه لمجموعة من المحلات التجارية ومستودع وذلك سنة 1997. الا أنه وبعد وفاة زوجها وتحديدا يوم 1 أكتوبر 2010 تفاجأت السيدة زكية بقدوم عدل اشهاد الى منزلها يمدها بشهادة ملكية تخص عقارها لصالح غيرها وطلب منها اخلاء المحل. وأمام رفضها وبعد بضعة أيام عاود عدل المنفذ الرجوع اليها ودعاها لجلسة استعجالية. وبالتجائها الى القضاء وبداية التحريات والاطلاع على وثائق انجرار الملكية اتضح وانها تتمثل في عقدي شراء: الأول ما بين المالكات الاصليات للعقار ممضى يوم 19 ديسمبر 1954 ومسجل بقباضة تونس في 20 فيفري 1954 ولم يتم ايداعه بالسجل العقاري الا في نفس تاريخ ايداع عقد شراء مورث المشتكى بهم والثاني مع مورث المشتكى بهم ممضى في 10 أوت 1989 ولم يتم تسجيله الا في 25 جانفي 2010 أي بعد 21 سنة ولم يتم ايداع وترسيم كلا العقدين الا يوم 1 فيفري 2010 مما أثار الريبة والشك لدى السيدة زكية خاصة وأن محتوى العقار المذكور في عقد شراء مورث المشتكى بهم ينص على وجود دار مع مستودع وهو ما يؤكد أن يكون العقد قد تم تحريره بعد سنة 1997 تاريخ انجاز المستودع الأول. وبعد اجراء الابحاث واستخراج نسخ العقود من القباضة المالية المعنية تأيدت شكوك السيدة زكية حيث اتضح أن التسجيل للعقد الأول وتاريخه ينطبقان على عقد ثان تطابقا واضحا وكأنه يتعلق بنفس العقد ويتعلق بشقة كائنة بتونس العاصمة، وما يؤكد تزوير العقد تقول السيدة زكية أن عدد وصل خلاص مصالح البلدية للتعريف بالامضاء وتاريخه هو نفس الرقم والتاريخ للعقد المذكور سابقا كما تبين كذلك أن ضابط الحالة المدنية الذي قام بالتعريف بالامضاء بتاريخ 10 أوت 1986 قد خرج في التقاعد قبل تاريخ العقد ب3 سنوات وهذا خير دليل على تزييف العقد. تقول السيدة زكية انها كانت شاهدة على بناء منزلها منذ سنة 1973 أي قبل زواجها بسنتين ولم تنتظر يوما أن يقع طردها منه... وهي تطالب بفتح بحث تحقيقي في الغرض لمعرفة المتسببين الاصليين في عملية تزوير العقود هذه والمستفيدين من هذه العملية.