لطالما مثل الوسط الجامعي الى جانب دوره العلمي فضاء للتعبير عن بعض الآراء والأفكار السياسية، إلا ان هذا الفضاء كان حكرا على الطلبة التجمعيين بإقصاء كل من يخالفهم الرأي، وبهذا الشكل كانت الجامعة البنية المصغرة للحياة السياسية في البلاد شعارها «الانفراد بالرأي وإقصاء التعددية». «الشروق» استمعت في هذا السياق الى بعض الطلبة من مختلف الانتماءات والحساسيات لمعرفة مدى التغيّر الذي طرأ على الحياة الجامعية بعد الثورة. فقد عبّر العديد من الطلبة عن استحسانهم لقرار إلغاء الأمن الجامعي من جميع الكليات والمعاهد العليا مؤكدين أنها خطوة إيجابية لتحرير الجامعة من التسلط والرقابة، فالأمن الجامعي لم يكن كما تحمله كلمة «الأمن» من معنى بقدر ما كان قيدا على الأفكار والآراء السياسية الحرة فهذه الخطوة تعتبر «سيرا على الطريق الصحيح نحو الديمقراطية والتعددية دون أي حواجز». وفي السياق ذاته أكد حسان العيادي طالب بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار وممثل عن الاتحاد العام لطلبة تونس، بأمل وتفاؤل كبيرين أن هناك تغيرا واضحا في الوسط الطلابي. فقد أصبح الطالب يسأل أكثر لمعرفة المزيد عن الاتحاد ومبادئه وأهدافه على خلاف السنوات الماضية التي كانت مقتصرة على معرفة كيفية الانخراط والانضمام الى «التجمع»! «كما أصبح هناك نوع من الثقة في الاتحاد» الذي طالما سعى الى تحقيق نفس الأهداف ألا وهي التشجيع على التعددية والمطالبة بإعفاء الوسط الجامعي من الصراعات الدينية والحزبية لخلق جو من التفاهم. أما بالنسبة الى الطالب محمد سعداوي فقد أكد أنه لم يشارك أبدا في الحياة السياسية في صلب الجامعة «حتى بالنقاشات العادية» وذلك لاحتكار الطلبة التجمعيين جميع المنابر حسب قوله وتوجسا من المخاطر التي كانت محدقة بالجامعة «فالواشون كثر» أما الآن «يمكن أن أتحدث بكل حرية» فقد أصبحوا «منبوذين». وفي هذا الإطار أشارت سهير الشعباني طالبة سنة ثالثة صحافة ومستقلة على حد قولها الى أن هناك غيابا شبه كلي للتجمعيين وما بقي منهم فقد غير مساره وأصبح همه الوحيد المصلحة العامة!! كما أن هناك حسب رأيها من «ندم» وتبرأ من جميع ممارسات «التجمع» في الماضي. وعن رأيها في بعض الانتماءات، نوّهت سهير الى أن البعض يحب السيطرة على الحياة الطلابية وعلى النظام الجامعي وذلك بإسقاط الاملاءات متجاهلين الآخر بعدم الإصغاء اليه او تفهمه، فهذه التصرفات «ستؤسس حتما الى دكتاتورية جديدة، كنا قد حسبنا أننا تخلصنا منها» وبذلك لن نتقدم نحو تحقيق الأهداف المشتركة التي يطمح اليها اي طالب وقد أكدت ان سبب عدم انتمائها الى أي حزب او حركة هو عدم اقتناعها «لا يمثلني أحد»، الحرية هي الأساس وهذا ما لا يتوفر في هذه الانتماءات التي تتسم بإقصاء الآخر. وفي هذا السياق تتفق معها سارة الطرابلسي (طالبة شريعة اسلامية) بجامعة الزيتونة، التي قالت انه لا يهمها اي حزب لأنه «لا يوجد اي وضوح فيها» والمهم ان لا يتعدى احد على إنسانية الآخر وكرامته، فالقطع مع الماضي بكل أشكاله التعسفية هو ما يأمله جميع الطلبة، وهي تأمل (سارة) ان لا تعود مثل هذه الممارسات وأن تزول جميع النزاعات التي لا تعبر الا عن تطرف وتعصب فكري، ففي جميع الأحوال نحن الطلبة من سنؤسس الى غد أفضل لذلك يجب ان نكون منذ البداية أكثر تحضرا في التعبير عن أفكارنا وتحقيق أهدافنا وأن نعتمد الإقناع السبيل الوحيد للتفاهم فيما بيننا «لا للعنف والسيطرة». لا لتسييس الجامعة ورغم سعي العديد الى خلق فضاء سياسي في الوسط الجامعي، الا ان طلبة «جامعة الزيتونة» كان لهم موقف مغاير من حيث «تسييس الجامعة» فقد عبّر الطالب محمد ونيّس (دراسات عليا في الشريعة الاسلامية) وناشط في «العمل الطلابي» عن رغبة أغلبية الطلبة في أن تكون الجامعة «فضاء للعلم لا للسياسة»فللعمل السياسي توجهات سلطوية تفرق بين الطلبة وتخلق الكثير من النزاعات داخل الوسط الطلابي فمن الأفضل ان يمارس الطالب نشاطا سياسيا خارج الجامعة كي نحافظ على دورها الأساسي وهو العلم «فالجامعة ليست منبرا لتسويق اي حركة أو حزب». كما أكد محمد أن لكل فرد الحق في الاختيار وهو حر في انتمائه. وفي إطار القرار الذي صدر عن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بإعادة اجراء انتخابات ممثلي الطلاب على جميع المستويات العلمية في المجلس العلمي، يأمل جميع الطلبة ان تكون هذه الانتخابات نزيهة وديمقراطية وأن يكون الفائز فيها ممثلا حقيقيا للطلبة وصوتا يبلغ مشاكلهم وتطلعاتهم حيث يكون الطالب ذو أولوية.