عرفت مدينة الكريب خلال السنوات الماضية توسعا عمرانيا هاما نتيجة استقطابها لسكان القرى والعمادات المجاورة وهو ما رفع من اعداد المقيمين بها الى قرابة 8 آلاف ساكن، الشيء الذي جعلها في السنوات الأخيرة تعجز تماما عن استقطاب سكان جدد أو حتى احداث المرافق الضرورية التي تتناسب مع حاجيات السكان الموجودين وذلك بسبب ما تعاني منه المدينة من انعدام الأراضي المخصصة للبناء والكفيلة بزيادة مساحتها. ولعل من لا يعرف مدينة الكريب ذات الموقع الاستراتيجي الهام والمترامية على الطريق الوطنية رقم 5 يعجب من عدم وجود أراض يمكن استغلالها والبناء فوقها، لكن العجب يزول اذا علمنا ان كل المناطق المحيطة بالمدينة يمنع او يحجر البناء فيها لسببين الاول انه في الناحية الشرقية توجد منطقة «ميستي» الأثرية وتمتد على مساحة 24 هكتارا تقريبا. والمناطق الأثرية يحجر كما هو معروف انتهاكها بالبناء وبغيره. أما السبب الثاني فهو تواجد من الناحية الغربية والجنوبية أراض فلاحية تحميها القوانين الزراعية ولا مجال للبناء فوقها ولم يبق بالمدينة اذن الا الناحية الشمالية المعروفة ب«هنشير ميستي» وتبلغ مساحته قرابة 180 هك وهذا المكان يمتلك فيه عدد كبير من الأهالي يفوق عددهم الألف شخص مقاسم على الشياع غير أنهم يصطدمون بحاجز منعهم من البناء فوقها. 3 أسباب رئيسية... خنقت المدينة هذا الوضع الذي باتت تعانيه المدينة صار يطرح عديد نقاط الاستفهام التي طرحتها «الشروق» على بلدية المكان بما أنها المعنية الاولى بهذا الموضوع والباحثين عن الاستقرار على مستوى السكن حيث يعود بسبب الاختناق الحاصل ببلدية الكريب حسب تأكيد السيد الناصر بوڤرة كاتب عام البلدية الى 3 أسباب رئيسية حيث يتثمل السبب الاول في وجود أراض فلاحية محمية يحجز تغيير صبغتها وتحد المنطقة البلدية من الجهة القبلية، أما السبب الثاني فيتمثل في وجود 3 أحياء بالمنطقة البلطية (ثلث مساحة المدينة) مشيدة فوق أرض تملكها الدولة ولم تتم تسوية وضعيتها الى الآن مما منع البناء العمودي فوق البنايات المشيدة منذ السبعينات في حين يتمثل السبب الثالث في ان مساحة المنطقة البلدية مشمولة برسم عقاري يملكه على الشياع نحو ألف مالك جعل العمل على تقسيم هذه الأراضي وتهيئتها للسكن صعب المراد. هذا الوضع الشائك أثمر وضعا سلبيا على البلدية وعلى المواطن على حد السواء حيث تجمدت مواردها المتأتية من البناء بشكل كبير ولولا نعمة السوق الاسبوعية لعجزت عن الوفاء بالتزاماتها ذلك انه لا يخفى على أحد أن البناء الجديد يساهم مساهمة فعالة في تنمية موارد البلدية من حيث الاداء على العقارات المبنية والمعلوم على المؤسسات وعلى رخص البناء واستغلال الطريق العام بمناسبة حضائر البناء وتنشيط الحركة الاقتصادية بالمدينة. كراء مشط والحل في الهجرة أما المواطن فإنه لم يجد مساحة أرض يشيد فوقها قبر الحياة ويضطر مكرها الى الكراء المشط حيث بلغ مبلغ التسويغ بمنازل عادية جدا الى 100 دينار. أما الشقق الفاخرة فأسعارها خيالية حيث ناهزت ال300 دينار وكل هذا من جراء الأسباب السالفة الذكر حيث يشير في هذا الصدد أحد المقدمين على الزواج بأنه أجّل موعد زفافه لأكثر من مرة لأنه لم يجد منزلا يتماشى وامكانياته المادية من ناحية اضافة الى ان من يريد الحصول على منزل للكراء لابد له من تسويغه قبل موعد الزواج بعديد الأشهر مما يعني مزيدا من المصاريف الاضافية. موظف آخر تحدثنا اليه أشار بأنه يدخر مبلغا ماليا محترما لشراء منزل الا انه في كل مرة يصطدم بأسعار خيالية لا تتماشى وقيمة المنزل من ناحية وقيمة المبلغ الذي بحوزته. ومن خلال هذا فإن المواطن يضطر إما للكراء المشط أو النزوح بدون رجعة وهما حلان أحلاهما مر لأنه ليس كل مواطن بإمكانه الكراء بأسعار خيالية او مغادرة موطنه الى جهة أخرى وهذا ما يبرر ما أقدم عليه عدد من المواطنين من الشروع الجماعي في بناء عدد من المساكن المتجاورة في نفس الوقت بحي الجامع بدون ترخيص قانوني من البلدية مما اضطر الاخيرة الى اللجوء الى هدم جميع البنايات التي لم تبق منها سوى الآثار التي تدل عليها. وخلّف ذلك ألما وحسرة لدى المواطنين لأن المقسم المزمع البناء فوقه على الشياع.