كلام السيد عمرو موسى الأمين العام لجامعة العرب والذي استنكر فيه «القراءة المتطرفة» التي عمد إليها الغرب لتحويل تفويض الجامعة لإقامة منطقة حظر جوي حول بنغازي لحماية الأهالي إلى تفويض بتوجيه ضربات عسكرية إلى ليبيا يستفز الضمير ويدعو إلى التوقف عنده. ولنقل منذ البداية ان حماية المدنيين في مدينة بنغازي كانت مسألة لا تحتمل التأجيل وهي واجب إنساني لا جدال فيه ولا نقاش بشأنه.. لكن ما يدعو إلى الجدال والنقاش هو هذا الفرق الواضح والبين بين النوايا العربية التي بررت الموافقة على إقامة منطقة حظر جوي لحماية المدنيين.. وبين النوايا الغربية التي احتمت ب«الفوضى الخلاقة» إلى حين الحصول على تفويض عربي بإقامة منطقة حظر جوي وتعمّد قراءته قراءة متطرفة ليتحول بقدرة قادر إلى تفويض لتوجيه ضربات عسكرية لليبيا وفي مناطق بعيدة جدا عن مدينة بنغازي علاوة على الحديث عن سيناريوهات مختلفة تطرح أكثر من سؤال حول النوايا الحقيقية التي حركت الآلة الحربية الغربية باتجاه ليبيا. ولعل أبرز سؤال في هذا الباب يتمحور حول الأجندة الخفية التي يجري تمريرها بالتدثر بغطاء التدخل ل«حماية الشعب الليبي».. وهو تقريبا نفس الغطاء الذي تدثرت به الأجندة الأمريكية في العراق حين غلّفت عدوانها العسكري بما أسمته تدخلا لتجريد العراق من أسلحة الدمار الشامل قبل أن تنكشف النوايا الحقيقية ممثلة في غزو البلاد واحتلالها وإسقاط النظام وتدمير مؤسسات الدولة والتأسيس لنظام يدور في الفلك الأمريكي ويؤسس لما أسماه المحافظون الجدد «الشرق الأوسط الجديد». فهل نحن إزاء فصل جديد من هذا المسلسل الكبير؟ وهل نحن إزاء ترتيبات استراتيجية لمنطقتنا العربية ولافريقيا برمتها يجري تنفيذها تحت غطاء التدخل لحماية الشعب الليبي؟ أسئلة تستدعي للإجابة عنها من الصبر والحكمة وبعد النظر ما يستدعيه تخليص الحرير من الشوك.. لأن «الفوضى الخلاقة» وقد استفادت من دروس الماضي عرفت هذه المرة كيف «تغرق السمكة في الماء» ليبدو اللاعب الرئيسي بعيدا جدا عن الملعب.. ولتبدو الضربات العسكرية وكأنها مطلب عربي.. حتى وإن كان العرب طلبوا منطقة حظر جوي لحماية المدنيين.. ليس أكثر..